متعرضة لاستحباب الغسل مرتين ، وإنما اشتملت على اعتبار غسل الوجه واليدين ولزوم المسح على الرأس والرجلين ، فلو كانت التثنية مستحبة في غسل الوجه واليدين لكانت الأخبار المذكورة مشتملة على بيانها لا محالة.

الثاني : موثقة عبد الكريم بن عمرو قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوضوء ، فقال : ما كان وضوء علي عليه‌السلام إلاّ مرّة مرّة » (١) وبمضمونها غيرها من الروايات ، فلو كان الغسل ثانياً أمراً مستحباً وأفضل في الشريعة المقدسة فكيف التزم علي عليه‌السلام بالوضوء مرة مرة طيلة حياته؟.

الثالث : صحيحة زرارة قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام إن الله وتر يحب الوتر فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات : واحدة للوجه واثنتان للذراعين ... » (٢) وهذه الأُمور هي التي تبعّد الاستدلال بالأخبار المتقدمة على استحباب الغسلة الثانية في كل من الوجه واليدين.

ولكن الصحيح أن الوجوه المتقدمة غير منافية للمدعى ، وذلك لأن الأخبار البيانية ناظرة إلى بيان ما يعتبر في كيفية الوضوء ، من غسل اليدين إلى الأصابع ومسح الرأس والرجلين على النحو الدائر المتعارف لدى الشيعة ، إيذاناً بأن وضوء العامة أجنبي عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه ليس بوضوئه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل إن وضوءه ليس إلاّ ما هو الدائر عند الشيعة ، وإلى ذلك يشير بقوله عليه‌السلام في جملة من الروايات « إلا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » أو ما هو بمعناه فليلاحظ (٣) وليست ناظرة إلى بيان الكم والعدد واعتبار الغسل الواحد فيه أو المتعدد ، فهذا الوجه ساقط.

وأمّا صحيحة زرارة فهي بقرينة اشتمالها على كلمة يجزئك واردة لبيان اعتبار الغسل الواحد في مقام الإجزاء ، بمعنى أن الله وتر وقد أمر بالغسل مرة وهو الغسل الواجب في الوضوء ، ويجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال ، وأما الغسل الزائد على ذلك‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٤٣٧ / أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٧ ، ٢.

(٣) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥.

۴۴۶