وأمّا إذا توضأ بالماء النجس جاهلاً بالنجاسة فالمشهور بين المتأخرين إلحاقه بالقسمين المتقدمين والحكم عليه بوجوب الإعادة أو القضاء ، والمفهوم من كلام الشيخ في المبسوط على ما في الحدائق وجوب الإعادة في الوقت خاصة دون وجوب القضاء خارج الوقت ، وبه صرح ابن البراج (١) كما أنه ظاهر ابن الجنيد (٢).

وخالفهم في ذلك صاحب الحدائق قدس‌سره وذهب إلى عدم وجوب الإعادة والقضاء ، حيث إنه بعد ما نقل كلام العلاّمة والشهيد قدس‌سرهما قال ما مضمون كلامه : إن ما ذكروه من وجوب الإعادة والقضاء فإنما يسلم في القسمين الأوّلين ، وأما في حق الجاهل بنجاسة الماء فلا ، لعدم توجه النهي إليه لجهالته ، فلا تجب عليه الإعادة ولا القضاء. وعمدة ما استند قدس‌سره إليه في حكمه هذا أمران :

أحدهما : ما ذكره في مقدمات كتابه الحدائق من معذورية الجاهل مطلقاً إلاّ ما خرج بالدليل ، مستنداً في ذلك إلى جملة من الروايات الواردة في موارد خاصّة منها : ما ورد في باب الحج كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فلا شي‌ء عليه » (٣).

وكما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « جاء رجل يلبي حتى دخل المسجد الحرام وهو يلبي وعليه قميصه ، فوثب عليه الناس من أصحاب أبي حنيفة فقالوا : شقّ قميصك وأخرجه من رجليك فان عليك بدنة وعليك الحج من قابل وحجّك فاسد ، فطلع أبو عبد الله عليه‌السلام فقام على باب المسجد فكبّر واستقبل الكعبة فدنا الرجل من أبي عبد الله عليه‌السلام وهو ينتف شعره ويضرب وجهه ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام اسكن يا عبد الله ، فلما كلمه وكان الرجل أعجمياً ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ما تقول؟ قال : كنت رجلاً أعمل‌

__________________

(١) المهذب ١ : ٢٧.

(٢) المختلف ١ : ٧٦.

(٣) وقد نقلناها في المتن عن الحدائق [ ١ : ٧٩ ] وهي فيه بهذا المقدار نعم لها صدر وذيل رواهما في الوسائل ١٣ : ١٥٧ / أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٨ ح ١.

۴۴۶