فغسل بها يده اليسرى ، ومن الظاهر أن ثلاث غرف لا يبلغ ربع المن التبريزي الذي هو المد ، وعليه لا بدّ من الجمع بين الأخبار الواردة في استحباب كون الوضوء بمد من الماء ، والأخبار الواردة في الوضوءات البيانية ، بحمل الثانية على ورودها لبيان الأُمور المعتبرة في الوضوء على وجه الوجوب ولم تشتمل من المستحبات إلاّ على شي‌ء قليل ، إذ الغرض منها تعريضهم عليهم‌السلام للمخالفين ، حيث نسبوا إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه غسل منكوساً وغسل الرجلين عوضاً عن مسحهما ، فثلاث غرفات من جهة ما يحصل به المقدار الواجب من الغسل في الوضوء.

وتحمل الاولى على بيان المقدار المستحب في الوضوء مشتملاً على جميع مستحباته ، لأن الماء المصروف في الوضوء المراعى فيه تمام المستحبات لا يقل عن ربع المن التبريزي بكثير ، لأنه يستحب فيه غسل اليدين مرة من حدث البول ومرتين من حدث الغائط ، فهذا كف أو كفان ، ويستحب غسل الوجه مرتين وهما كفان ، فهذه ثلاثة أكف أو أربعة. ويستحب الغسل في كل من اليدين مرتين وهو يستلزم الماء كفين ، لعدم كون اليد مسطحة كالوجه حتى يكتفي فيها بكفة واحدة في غسلها على وجه الأسباع ، اللهمّ إلاّ أن يواصل الماء إلى تمام أجزاء يده بإمرار اليد وهو ينافي الإسباغ المستحب ، وعليه لا بدّ من صب كف من الماء على ظاهرها وصب كف اخرى على باطنها ليتحقق بذلك الإسباغ ، وهذه أربعة أكف ومع ضم الثلاثة المتقدمة إليها يبلغ سبعة.

ويستحب المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات وهي ستة ، والمجموع تبلغ ثلاثة عشرة أو أربعة عشرة كفاً ، وهو قريب من المد وربع المن التبريزي ، ومعه لا حاجة إلى إدخال الاستنجاء أيضاً في الوضوء كما عن بعضهم ، وحمل أخبار المد على الوضوء مع الاستنجاء ، لوضوح أنه أمر آخر لا موجب لإدراجه في الوضوء بعد كون الماء المصروف فيه بجميع مستحبّاته بالغاً حد المد كما عرفت.

وقد ورد في الفقيه أنه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « الوضوء مد والغسل صاع ؛ وسيأتي أقوام بعدي يستقلون ذلك فأُولئك على خلاف سنّتي ، والثابت‌

۴۴۶