المجمع معنوناً بعنوانين وجهتين ، فإذا أمكن اجتماع الحرمة والوجوب في محل واحد أمكن اجتماع الوجوب والاستحباب أيضاً إذا كان بعنوانين متعددين ، والأمر في المقام كذلك ، فيقال باستحباب الوضوء بعنوان أنه مقدمة للمستحب كما يحكم بوجوبه من حيث إنه مقدمة للواجب ، هذا.

وما أجاب به قدس‌سره عن الاشكال ساقط رأساً ، وذلك لأن اجتماع الأمر والنهي وإن كان ممكناً على ما حقّقناه في محلِّه (١) غير أنه إنما يجوز فيما إذا كان التركّب انضمامياً والجهتان تقييديتين ، والعنوانان في المقام ليسا كذلك ، بل إنما هما تعليليان والحكمان واردان على مورد واحد حقيقي بعلتين إحداهما : كون الوضوء مقدّمة للمستحب. وثانيتهما : كونه مقدّمة للواجب ، ومعه لا يمكن الحكم بجواز الاجتماع ونظيره ما إذا أوجب المولى إكرام العالم وحرّم إكرام الفساق ، وانطبق العنوانان على زيد العالم الفاسق في الخارج ، فإنه يستحيل أن يتصف إكرامه بالحرمة والوجوب لفرض أنه موجود شخصي لا تعدّد فيه ، فلا مناص إما أن يحكم بحرمة إكرامه ، وإما بوجوبه ، والجهتان التعليليتان غير مفيدتين لجواز الاجتماع ، فهذا الجواب ساقط.

والصحيح في الجواب عن الاشكال بناء على القول بوجوب المقدمة مطلقاً أن يقال : إنّ الوجوب إنما ينافي الاستحباب بحده وهو الترخيص في الترك ، لما قدّمناه في محلِّه (٢) من أن الاستحباب إنما ينتزع عن الأمر المتعلق بشي‌ء فيما إذا قامت قرينة على الترخيص في الترك ، ومن الواضح أن الوجوب لا يجتمع مع الترخيص في الترك ، وأما ذات الاستحباب أعني المحبوبية والطلب فهي غير منافية للوجوب أبداً ، لجواز اجتماع الوجوب مع المحبوبية فيندك ذات الاستحباب في ضمن الوجوب ، ومن الظاهر أن المقرب إنما هو ذات الاستحباب دون حده ، كما أن الداعي إلى إتيانه هو ذلك دون الحد ، لوضوح أنه يأتي به لمحبوبيته لا لكونه مرخصاً في الترك ، وهذا هو المراد باندكاك الاستحباب في الوجوب ، ولا يراد به اندكاك الاستحباب بحده في الوجوب‌

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٢٥٧.

(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣١.

۴۴۶