سابقاً (١) ، فلا يمكننا الحكم بصحته وإجزائه ، إذ لا سيرة عملية حتى يدعي أنها كاشفة عن الصحّة والإجزاء لعدم ردعهم عليهم‌السلام عن ذلك مع كونه بمرأى منهم.

وأمّا قضية ما فهمه زرارة من الصحيحة المتقدِّمة (٢) وهو الذي جعلناه مؤيداً للمدّعى ففهمه إنما يتبع بالإضافة إلى كبرى المسألة ، أعني التقيّة في المحرّمات الغيرية ، وأما خصوص مورد الصحيحة ، أعني المسح على الخفين فلا ، لما مرّ من أن العامة على ما وقفنا على أقوالهم غير ملتزمين بوجوبه التعييني كما تقدم ، هذا بل نفس إطلاق الروايات الآمرة بغسل الرجلين المحمولة على التقيّة يقتضي الحكم ببطلان المسح على الرجلين وعدم كونه مجزياً ، لأن مقتضى إطلاقها أن غسل الرجلين واجب تعييني مطلقاً ولو في حال التقيّة ولا يجزئ عنه أمر آخر ، أي أنه ليس بواجب تخييري ليتخيّر المكلف بينه وبين المسح على الخفين ، فلو اقتضت التقيّة المسح على الخفين في مورد على وجه الندرة فهو لا يكون مجزئاً عن المأمور به الأوّلي.

ومن هذا القبيل الوقوف بعرفات يوم الثامن مع العلم بالمخالفة ، لأنه أمر يندر الابتلاء به ، ومع الندرة لا مجال لدعوى السيرة ولا لكشفها عن الإجزاء في مقام الامتثال ، لأجل عدم ردع الأئمة عليهم‌السلام عنها ، اللهمّ إلاّ أن يتم شي‌ء من الأدلة اللفظية على التفصيل المتقدم آنفاً.

الجهة الرابعة : في مَن يتّقى منه : لا ينبغي التردد في أن التقيّة المحكومة بالوجوب أو الجواز لا يختص بالعامة على وجه الخصوص ، بل تعم كل ظالم وجائر إذا خيف ضرره وهو مورد للتقية الواجبة أو الجائزة ، ويدلنا على ذلك مضافاً إلى العمومات (٣)

__________________

(١) في ص ٢٠٢.

(٢) في ص ٢١٥.

(٣) الوسائل ١٦ : ٢١٤ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٥.

۴۴۶