غيري ، فلو جازت التقيّة فيه أو وجبت لدل على ارتفاع المنع الغيري أعني المانعية في الوضوء ، وكون الوضوء المشتمل على مسح الخفين صحيحاً ، هذا كلّه في الصلاة والوضوء.

ومن هذا القبيل الصيام ، لأنه أيضاً من الأُمور العامة البلوى وقد كانوا يصومون معهم ويفطرون بما لا يراه العامة مفطراً في نهار شهر رمضان أو في اليوم الذي لا يرونه من شهر رمضان ، وذلك كله للتقية والمعاشرة معهم.

الوقوف بعرفات في اليوم الثامن :

ومن هذا القبيل الوقوف بعرفات يوم الثامن من ذي الحجة الحرام ، لأن الأئمة عليهم‌السلام كانوا يحجون أغلب السنوات ، وكان أصحابهم ومتابعوهم أيضاً يحجون مع العامة في كل سنة ، وكان الحكم بيد المخالفين من بعد زمان الأمير عليه‌السلام إلى عصر الغيبة ، ولا يحتمل عاقل توافقهم معهم في هلال الشهر طوال تلك السنوات وتلك المدة التي كانت قريبة من مائتين سنة وعدم مخالفتهم معهم في ذلك أبداً ، بل نقطع قطعاً وجدانياً أنهم كانوا مخالفين معهم في أكثر السنوات ، ومع هذا كله لم ينقل ولم يسمع عن أحدهم عليهم‌السلام ردع الشيعة ومتابعيهم عن تبعيّة العامّة في الوقوف بعرفات وقتئذٍ ، وقد كانوا يتبعونهم بمرأى ومسمع منهم عليهم‌السلام بل كانوا بأنفسهم يتبعون العامة فيما يرونه من الوقوف.

وعلى الجملة قد جرت سيرة أصحاب الأئمة عليهم‌السلام ومتابعيهم على التبعية في ذلك للعامّة في سنين متمادية ، ولم يثبت ردع منهم عليهم‌السلام عن ذلك ولا أمر التابعين للوقوف بعرفات يوم التاسع احتياطاً ، ولا أنهم تصدّوا بأنفسهم لذلك ، وهذا كاشف قطعي عن صحّة الحج المتقى به بتلك الكيفية وإجزائه عن الوظيفة الأوّلية في مقام الامتثال ، بلا فرق في ذلك بين كون الحج في سنة الاستطاعة وكونه في غير تلك السنة ، لوجوب الحج في كليهما وعدم كونه مطابقاً للوظيفة الأولية أيضاً في كليهما ، وقد عرفت أن السيرة قد جرت على التقيّة في ذلك كما جرت على الحج في سنة‌

۴۴۶