لأن الإتيان بذلك الشي‌ء إتيان لما هو مصداق وفرد للطبيعة المأمور بها ، فيسقط به الأمر المتعلق بها لا محالة.

وأمّا إذا لم يكن العمل المتقى به مورداً للأمر بالخصوص ، فالتحقيق أن يفصّل حينئذٍ بين الأُمور التي يكثر الابتلاء بها لدى الناس ، أعني الأُمور عامة البلوى التي كانوا يأتون بها بمرأى من الأئمة عليهم‌السلام والأُمور التي لا يكون الابتلاء بها غالباً وبمرأى منهم عليهم‌السلام بل يندر الابتلاء به.

فان كان العمل من القسم الأوّل ، كما في التكتف في الصلاة وغسل الرجلين في الوضوء مع قطع النظر عن كونه مورداً للأمر به بالخصوص لكثرة الابتلاء به في كل يوم مرات متعددة ، فلا مناص فيه من الالتزام بالصحة والإجزاء ، أي عدم وجوب الإعادة أو القضاء ، لأن عدم ردعهم عما جرت به السيرة من إتيان العمل تقيّة أقوى دليل على صحته وكونه مجزياً في مقام الامتثال ، فلو لم تكن التقيّة مفيدة للإجزاء في مثله فلا بدّ من بيانه ، ونفس عدم بيان البطلان وترك التنبيه على عدم إجزائها مع كون العمل مورداً للابتلاء وبمرأى منهم عليهم‌السلام يدلنا على إمضائهم لما جرت به السيرة. ولم يرد في شي‌ء من رواياتنا أمر بإعادة العمل المتقى به أو قضائه ولو على نحو الاستحباب.

نعم ، عقد صاحب الوسائل قدس‌سره باباً وعنونه باستحباب إيقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده (١) إلاّ أن شيئاً مما نقله من الروايات غير مشتمل على الأمر بالإعادة أو القضاء فيما أتى به تقيّة ولو على وجه الاستحباب ، بل قد ورد في بعض الروايات ما لا تقبل المناقشة في دلالته على الإجزاء ، وهذا كما دلّ على أن « من صلّى معهم في الصف الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٢) أفيحتمل عدم كون الصلاة خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجزئة عن المأمور به الأوّلى. وفي بعض آخر « إن المصلي معهم في الصف الأوّل كالشاهر سيفه في‌

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٣٠٢ / أبواب صلاة الجماعة ب ٦.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٩٩ / أبواب الجماعة ب ٥ ح ١.

۴۴۶