الإبطال ، وذلك لأن وجوب الوضوء والصلاة مشروط في الشريعة المقدسة بدخول وقتها كما دلّ عليه قوله عزّ من قائل ﴿ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ... (١) وقوله عليه‌السلام « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ، ولا صلاة إلاّ بطهور » (٢) وعلى ذلك لا حكم متنجز بشي‌ء من الطهور والصلاة قبل الوقت ، فلو ترك المكلف المبادرة إلى الوضوء أو أبطله قبل دخول الوقت لم يكن في ذلك أية مخالفة وعصيان للتكليف المتنجز عليه ، لأن المفروض أن التكليف قد اشترط بالوقت وهو غير متحقق بعد ، فلا وجه للحكم بوجوب المبادرة إليه ولا لحرمة إبطاله.

نعم ، قد يتوهم أن في ترك المبادرة قبل الوقت أو في إبطال الوضوء حينئذٍ تفويتاً للملاك الملزم وهو بالنظر العقلي كعصيان التكليف المنجّز في القبح ، فلا مناص معه من الحكم بوجوب المبادرة وحرمة الابطال ، وهذا الكلام وإن كان بحسب الكبرى صحيحاً ومما لا مناقشة فيه ، لما ذكرناه غير مرة من أن تفويت الملاك الملزم ومخالفة التكليف المنجّز سيان عند العقل وكلاهما عصيان ومخالفة لديه ، إلاّ أن الكلام كله في صغرى ذلك في المقام ، وأن الصلاة مع الوضوء التام هل فيها ملاك ملزم بالإضافة إلى العاجز عن الوضوء المأمور به من أوّل الوقت ، أو أن الملاك الملزم يخص القادرين وحيث لا سبيل لنا إلى استكشاف ملاكات الأحكام الشرعية على ما ذكرناه غير مرّة إلاّ بالأمر والتكليف شرعاً ، ولا تكليف على العاجز ومن لم يتمكن من الوضوء التام بالإضافة إلى الوضوء قبل الوقت ولا بعده ، فلا يمكننا تحصيل العلم بوجود الملاك الملزم في حقه ، ومن الجائز وجداناً أن تكون القدرة دخيلة في تحقق الملاك ، ومعه لا يمكن الحكم بحرمة إبطال الوضوء أو بوجوب المبادرة إليه قبل الوقت ، بدعوى أنه تفويت للملاك الملزم ، هذا كلّه في الفروع المترتبة على ترك المسح المأمور به أعني المسح على غير البشرة بشي‌ء من الضرورات المتقدمة غير التقيّة.

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.

(٢) الوسائل ١ : ٣٧٢ / أبواب الوضوء ب ٤ ح ١.

۴۴۶