فالمشهور بين المتقدِّمين والمتأخِّرين جوازه ، بل لا خلاف في المسألة إلاّ من جملة من متأخِّري المتأخِّرين ، واستدلّ عليه بأُمور :

منها دعوى الإجماع على كفاية المسح على الحائل للضرورة ، لما عرفت من إطباق القدماء والمتأخِّرين على الجواز ، ولم يخالفهم في ذلك إلاّ جمع من متأخِّري المتأخِّرين ، وهو غير قادح في الإجماع كما هو ظاهر.

ويرد هذا الوجه : أنّا نحتمل استناد المجمعين في المسألة إلى أحد الوجوه الآتية ومعها لا يمكن الاعتماد على إجماعهم ، لعدم كونه تعبدياً كاشفاً عن رأي الامام عليه‌السلام.

ومنها : رواية أبي الورد قال : « قلت لأبي جعفر عليه‌السلام إن أبا ظبيان حدّثني أنه رأى عليّاً عليه‌السلام أراق الماء ثم مسح على الخفّين ، فقال : كذب أبو ظبيان أما بلغك قول علي عليه‌السلام فيكم سبق الكتاب الخفين. فقلت : فهل فيهما رخصة؟ فقال : لا ، إلاّ من عدوّ تتقيه أو ثلج تخاف على رجليك » (١) وهي ظاهرة الدلالة على جواز المسح على الخفّين عند خوف الثلج ونحوه ، هذا.

وقد أورد صاحب المدارك على هذا الوجه بأن الرواية ضعيفة السند بأبي الورد لعدم توثيقه في الرجال فلا يجوز الاعتماد على روايته (٢).

وأُجيب عن ذلك بوجوه :

الأوّل : أن الرجل وإن كان لم يوثق في الرجال إلاّ أن الرواية قد تلقاها الأصحاب بالقبول ، ومنه يستكشف أن الرواية كانت مقترنة بقرينة دلتهم على صحتها.

وهذا الجواب مبني على تمامية القاعدة المعروفة من أن الرواية الضعيفة ينجبر ضعفها بعمل المشهور على طبقها ، فان صحت وتمت فهو وإلاّ فللمناقشة فيه مجال واسع ، لأن عملهم على طبق رواية لا يكشف عن عثورهم على قرينة دلّتهم على‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٥٨ / أبواب الوضوء ب ٣٨ ح ٥.

(٢) المدارك ١ : ٢٢٤.

۴۴۶