والمتحصل : أن المسح لا بدّ وأن يكون ببلّة اللحية بعد يبوسة اليد ، بل الأقوى عدم جواز المسح بغير بلتها فيما إذا لم يكن هناك لحية أو كانت ولكنها يبست ، فلا يجوز المسح ببلّة الحاجبين أو أشفار العينين ، لعدم دلالة الدليل على كفاية المسح ببلّة غير اللحية.

نعم ، وردت في ذلك عدة روايات إلاّ أنها ضعيفة السند كما أشرنا إليه سابقاً.

ويدلُّ على ما ذكرناه موثقة مالك بن أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « من نسي مسح رأسه ثم ذكر أنه لم يمسح فان كان في لحيته بلل فليأخذ منه وليمسح رأسه وإن لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وليعد الوضوء » (١).

وقد يقال : إن عدم تعرض الرواية لأخذ البلّة من غير اللحية وحكمها بالإعادة عند عدم البلّة في اللحية لعله من جهة أن من البعيد عادة بقاء الرطوبة في غير اللحية من الحاجبين أو أشفار العينين أو غيرهما من الأعضاء مع يبوسة بلّة اللحية ، فلأجل التلازم العادي بين يبوسة اللحية ويبوسة الحاجبين والأشفار أو غيرهما أمر عليه‌السلام بإعادة الوضوء عند يبوسة اللحية ، لا من جهة عدم كفاية المسح ببلّة غير اللحية من الأعضاء كما لا يخفى.

وفيه : أن غلبة فقدان البلّة في غير اللحية عند ارتفاعها وزوالها عن اللحية وإن كانت صحيحة كما ذكر ، إلاّ أن بقاء الرطوبة في غيرها من الأعضاء عند يبوسة اللحية أيضاً كثير وليس من الندرة بمكان ، وذلك كما إذا تمندل ونشّف لحيته بعد الوضوء وتذكّر أنه ترك المسح قبل أن تنشف يده ، فإن الرطوبة باقية في يده وقتئذٍ مع جفاف لحيته ، والتمندل أمر متعارف لدى الناس وإن احتمل كراهته أو استحباب تركه ، ومع كون بقاء الرطوبة في غير اللحية أمراً كثيراً متعارفاً إذا حكم بوجوب الإعادة عند جفاف اللحية وارتفاع بللها ، فلا محالة يستفاد من ذلك عدم كفاية المسح بغير بلّة اللحية كما ذكرناه.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٠٩ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٧.

۴۴۶