وسلم ) مسح رأسه ورجليه ، أو تضمنت الأمر بمسح الرأس والرجلين من دون التقييد بكون المسح بواسطة اليد فحسب ، ففيها احتمالات ثلاثة :

الأوّل : أن يقال : إن المطلقات ليست بصدد البيان من تلك الناحية ، وإنما وردت لبيان أن المسح معتبر في الوضوء ، كما أن الغسل مما لا بدّ منه ، فان الوضوء غسلتان ومسحتان ، فلا دلالة لها على اعتبار غير ذلك من الخصوصيات المعتبرة في الوضوء.

وهذا الاحتمال وإن كان بالإضافة إلى الآية المباركة من الإمكان بمكان ، إلاّ أنه بالإضافة إلى بعض الروايات المطلقة التي تضمنت لاعتبار بعض الخصوصيات المعتبرة في الوضوء مما لا مجال له ، لأنها بصدد بيان ما يعتبر في صحة الوضوء ، وحيث لم يقيد المسح بأن يكون بواسطة اليد فلا مانع من التمسك بإطلاقاتها.

الثاني : أن يقال : إن المطلقات منصرفة إلى ما هو المتعارف في الخارج من المسح ولا تردد في أن المسح بحسب المتعارف الشائع لا يكون إلاّ باليد وما دون الزند ، إذن يتعيّن أن يراد بالمطلقات خصوص المسح بواسطة اليد.

ويدفعه : ما مرّ غير مرة من أن المطلق لا تنصرف إلى الفرد الغالب أبداً. نعم ربما يحدث انصراف بدوي إلى الغالب ولكنه يزول بأدنى التأمّل والالتفات.

وما عن شيخنا الأنصاري قدس‌سره من انتقاض ذلك بالغسل ، بدعوى أن الغسل كالمسح إنما يتحقّق في الخارج بآلة لا محالة ، فكما أن الأمر بغسل الوجه واليدين ليست فيه أية دلالة على تعيين آلة الغسل ، فليكن الأمر بالمسح أيضاً كذلك وإلاّ فلا مناص من الالتزام بدلالة الأمر بالغسل أيضاً على تعيين آلة الغسل (١) ، كما ترى مما لا يمكن المساعدة عليه ، والوجه في ذلك أن آلة المسح مما يتقوم به المسح بحيث لا يتحقق بدونها ، وهذا بخلاف الغسل لوضوح أن الغسل قد يحصل بإيقاف الوجه مثلاً تحت المطر وبإجراء الماء عليه ، وأما المسح فلا يوجد إلاّ بآلة وهو ظاهر.

إذن فلا مانع من أن يكون الأمر بالمسح دالاًّ على تعيين آلة المسح دون الغسل.

الثالث : أن يقال : إن المطلقات المذكورة لا بدّ من تقييدها بالأخبار المتقدمة التي‌

__________________

(١) كتاب الطهارة : ١١٩ السطر ٨.

۴۴۶