الناس من يكون طبيبا لهم يعالجهم من دون أن يكون عالما بعلم الطب (١).

وأشار إليه المحقق الطوسيّ ـ قدس‌سره ـ حيث قال : «والعصمة تقتضي النصّ وسيرته عليه‌السلام» ، وقال العلّامة الحليّ ـ قدس‌سره ـ في شرحه : «أقول : ذهبت الإمامية خاصة إلى أنّ الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه ، وقالت العبّاسية : إنّ الطريق إلى تعيين الإمام ، النصّ أو الميراث. وقالت الزيدية : تعيين الإمام بالنصّ أو الدعوة إلى نفسه. وقال باقي المسلمين : الطريق إنّما هو النصّ أو اختيار أهل الحلّ والعقد.

والدليل على ما ذهبنا إليه وجهان ، الأوّل : أنّا قد بيّنا أنّه يجب أن يكون الإمام معصوما ، والعصمة أمر خفي لا يعلمها إلّا الله تعالى ، فيجب أن يكون نصبه من قبله تعالى ؛ لأنّه العالم بالشرط دون غيره.

الثاني : أنّ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ كان أشفق على الناس من الوالد على ولده حتّى أنّه ـ عليه‌السلام ـ أرشدهم إلى أشياء لا نسبة لها إلى الخليفة بعده ، كما أرشدهم في قضاء الحاجة إلى امور كثيرة مندوبة وغيرها من الوقائع ، وكان ـ عليه‌السلام ـ إذا سافر عن المدينة يوما أو يومين استخلف فيها من يقوم بأمر المسلمين ، ومن هذه حاله كيف ينسب إليه إهمال أمّته ، وعدم إرشادهم في أجلّ الأشياء وأسناها وأعظمها قدرا ، وأكثرها فائدة وأشدّهم حاجة إليها وهو المتولي لامورهم بعده ، فوجب من سيرته ـ عليه‌السلام ـ نصب إمام بعده والنصّ عليه وتعريفهم إيّاه وهذا برهان لميّ (٢).

هذا كلّه ما يقضيه الدليل العقلي والاعتبار ، وتؤيده الأخبار والروايات منها : ما عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ في ضمن حديث «أنّ الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ،

__________________

(١) كتاب العقائد الحقّة : ص ١٨.

(٢) شرح تجريد الاعتقاد : ص ٣٦٦ الطبع الحديث.

۲۸۱۱