محددة قاهرة إذ طبيعة الوجود لا يمكن أن تكون مقتضية للحد الخاص وإلّا لكان كلّ موجود يلزمه ذلك الحد ، وليس كذلك فثبت أن الحد للوجود من جهة العلة المباينة ، فكل محدود معلول لا محالة ، فخالق الاشياء كلّها يجب أن لا يكون محدودا في شدة الوجود وإلّا لكان له خالق محدد فوقه وهو محال (١).

وقال العلّامة الطباطبائي ـ قدس‌سره ـ : كل حقيقة من حقايق العالم فرضت فهي حقيقة محدودة ؛ لأنها على تقدير وفرض وجود سببها كانت موجودة ، وعلى تقدير وفرض عدم سببها كانت معدومة ففي الحقيقة لوجودها حد وشرط معين ليس لها وجود في خارج ذلك الحد والشرط المعين. وهذا الأمر جار في كل شيء عدا الله سبحانه وتعالى حيث أنه ليس له حد ونهاية ، بل هو حقيقة مطلقة وموجود على كلّ التقادير وليس متقيدا بشرط ولا سبب ولا يكون محتاجا إلى شيء (٢). ولذا قال أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ في توصيفه تعالى : «فلا إليه حد منسوب» (٣) وخاطب الإمام علي بن الحسين ـ عليهما‌السلام ـ ربه في دعائه بقوله : «أنت الذي لا تحد فتكون محدودا» (٤) وفي توقيع محمّد بن عثمان ابن سعيد عن مولانا الحجة بن الحسن المهدي ـ عليهما‌السلام ـ جاء في ضمن الدعاء : «يا موصوفا بغير كنه ومعروفا بغير شبه حادّ كل محدود» (٥). فحد الوسط في هذا البرهان هو المحدودية ، وهي من خصوصيات المعلول اللازمة له إذ لا يمكن ان يوجد معلول بدونها.

الثامن : التدبير والهداية ، وتقريبه هو أن من تأمل في النظام العالمي يرى

__________________

(١) شرح الاصول من الكافي : ص ٣٣٢.

(٢) شيعه در إسلام : ص ٧١.

(٣) بحار الأنوار : ج ٤ ص ٢٢٢.

(٤) الصحيفة : الدعاء ٤٧.

(٥) مفاتيح الجنان : أدعية أيام شهر رجب ص ١٣٥.

۳۲۰۱