الموضع السادس
هَل يلحق الشكّ في الصحّة بالشكّ في الإتيان؟
أنّ الشكّ في صحّة الشيء المأتي به حكمه حكم الشكّ في الإتيان ، بل هو هو ؛ لأنّ مرجعه إلى الشكّ في وجود الشيء الصحيح. ومحلّ الكلام : ما لا يرجع فيه الشكّ إلى الشكّ في ترك بعض ما يعتبر في الصحّة ، كما لو شكّ في تحقّق الموالاة المعتبرة في حروف الكلمة أو كلمات الآية.
لكنّ الإنصاف : أنّ الإلحاق لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ الظاهر من أخبار الشكّ في الشيء اختصاصها بغير هذه الصورة ، إلاّ أن يدّعى تنقيح المناط ، أو يستند فيه إلى بعض ما يستفاد منه العموم ، مثل موثّقة ابن أبي يعفور (١) ، أو يجعل أصالة الصحّة في فعل الفاعل المريد للصحيح أصلا برأسه ، ومدركه ظهور حال المسلم.
قال فخر الدين في الإيضاح في مسألة الشكّ في بعض أفعال الطهارة :
إنّ الأصل في فعل العاقل المكلّف الذي يقصد براءة ذمّته بفعل صحيح ، وهو يعلم الكيفية والكميّة ، الصحّة (٢) ، انتهى.
ويمكن استفادة اعتباره من عموم التعليل المتقدّم في قوله : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٣) ؛ فإنّه بمنزلة صغرى لقوله :
__________________
(١) تقدّمت في الصفحة ٣٢٦.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٤٣.
(٣) تقدّم الحديث في الصفحة ٣٢٥.