يتحقّق لنا في الأدلّة دليل خاصّ ؛ لانتهاء (١) كلّ دليل إلى أدلّة عامّة ، بل العبرة بنفس الدليل.
ولا ريب أنّ الاستصحاب الجاري في كلّ مورد خاصّ به (٢) ، لا يتعدّاه إلى غيره ، فيقدّم على العامّ ، كما يقدّم غيره من الأدلّة عليه ؛ ولذا ترى الفقهاء يستدلّون على الشغل والنجاسة والتحريم بالاستصحاب ، في مقابلة ما دلّ على البراءة الأصليّة وطهارة الأشياء وحلّيّتها. ومن ذلك : استنادهم إلى استصحاب النجاسة والتحريم في صورة الشكّ في ذهاب ثلثي العصير ، وفي كون التحديد تحقيقيّا أو تقريبيّا ، وفي (٣) صيرورته قبل ذهاب الثلثين دبسا ، إلى غير ذلك (٤). انتهى كلامه ، على ما لخّصه بعض المعاصرين (٥).
المناقشة في ما أفاده بحر العلوم
ولا يخفى ما في ظاهره ؛ لما عرفت : من أنّ مورد جريان العموم لا يجري الاستصحاب حتّى لو لم يكن عموم ، ومورد جريان الاستصحاب لا يرجع إلى العموم ولو لم يكن استصحاب.
ثمّ ما ذكره من الأمثلة خارج عن مسألة تخصيص الاستصحاب للعمومات ؛ لأنّ الاصول المذكورة بالنسبة إلى الاستصحاب ليست من قبيل العامّ بالنسبة إلى الخاصّ ، كما سيجيء في تعارض الاستصحاب مع
__________________
(١) في المصدر زيادة : «حجّيّة».
(٢) «به» من المصدر.
(٣) في المصدر زيادة : «صورة».
(٤) انظر فوائد السيد بحر العلوم : ١١٦ ـ ١١٧.
(٥) هو صاحب الفصول في الفصول : ٢١٤.