فلا نطيل بذكرها. (١)
ب. دليل حجّيّة خبر الواحد من السنّة
من البديهيّ أنّه لا يصحّ الاستدلال على حجّيّة خبر الواحد بنفس خبر الواحد ؛ فإنّه دور ظاهر ، بل لا بدّ أن تكون الأخبار المستدلّ بها على حجّيّته معلومة الصدور من المعصومين ، إمّا بتواتر ، أو قرينة قطعيّة.
ولا شكّ في أنّه ليس في أيدينا من الأخبار ما هو متواتر بلفظه في هذا المضمون ، وإنّما كلّ ما قيل هو تواتر الأخبار معنى في حجّيّة خبر الواحد إذا كان ثقة مؤتمنا في الرواية ، كما رآه الشيخ الحرّ صاحب الوسائل. (٢) وهذه دعوى غير بعيدة ، فإنّ المتتبّع يكاد يقطع جازما بتواتر الأخبار في هذا المعنى ، (٣) بل هي بالفعل متواترة لا ينبغي أن يعتري فيها الريب للمنصف. (٤)
وقد ذكر الشيخ الأنصاريّ (قدّس الله نفسه) طوائف من الأخبار ، (٥) يحصل بانضمام
__________________
(١) منها : آية السؤال ، وهي قوله (تعالى) : ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.﴾ النحل (١٦) الآية : ٤٣.
ومنها : آية الأذن ، وهي قوله (تعالى) : ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ....﴾ التوبة (٩) الآية : ٦١.
ومنها : آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، آل عمران (٣) الآية : ١٠٤ ، والتوبة (٩) الآية : ٧.
وإن شئت تفصيل البحث عن الاستدلال بها فراجع : فرائد الأصول ١ : ١٣٢ ـ ١٣٤ ، وكفاية الأصول : ٣٤٤ ـ ٣٤٦.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ : ٥٢ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ؛ و ١٨ : ٩٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.
(٣) وهذا ما ادّعاه أيضا المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٣ : ١٩٠ ـ ١٩١ ، والمحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٣ : ١٤٣.
(٤) إنّ الشيخ صاحب الكفاية لم يتّضح له تواتر الأخبار معنى ، وإنّما أقصى ما اعترف به «أنّها متواترة إجمالا». * وغرضه من التواتر الإجماليّ هو العلم بصدور بعضها عنهم عليهمالسلام يقينا. وتسمية ذلك بالتواتر مسامحة ظاهرة ـ منه قدسسره ـ.
(٥) فرائد الأصول ١ : ١٣٧ ـ ١٤٤.
__________________
* كفاية الأصول : ٣٤٧.