حصول الشرط.
قلت : المنشأ إذا كان هو الطلب على تقدير حصوله فلا بدّ أن لا يكون قبل حصوله طلب وبعث ، وإلّا لتخلّف عن إنشائه ، وإنشاء أمر على تقدير كالإخبار به بمكان من الإمكان ، كما يشهد به الوجدان ، فتأمّل جيّدا (١).
وأمّا حديث لزوم رجوع الشرط إلى المادّة لبّا : ففيه أنّ الشيء إذا توجّه إليه وكان موافقا للغرض بحسب ما فيه من المصلحة أو غيرها فكما يمكن أن يبعث فعلا إليه ويطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه ، كذلك يمكن أن يبعث إليه معلّقا ويطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقّع الحصول لأجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل حصوله ، فلا يصحّ منه إلّا الطلب والبعث معلّقا بحصوله ، لا مطلقا ولو متعلّقا بذاك على التقدير (٢) ، فيصحّ منه طلب الإكرام بعد مجيء زيد ، ولا يصحّ منه الطلب المطلق الحالي للإكرام المقيّد بالمجيء.
هذا (٣) بناء على تبعيّة الأحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح.
وأمّا بناء على تبعيّتها للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهيّ عنها فكذلك ، ضرورة أنّ التبعيّة كذلك إنّما تكون في الأحكام الواقعيّة بما هي واقعيّة (٤) ، لا بما هي فعليّة ، فإنّ المنع عن فعليّة تلك الأحكام غير عزيز (٥) ، كما في موارد
__________________
(١) وأورد عليه السيّد المحقّق الخوئيّ بأنّ ما أفاده المصنّف في الجواب عن الإشكال مصادرة ظاهرة ، لأنّ الكلام هنا في إمكان كون الايجاد حاليّا والوجود استقباليّا وعدم إمكانه ، فكيف يمكن أن يستدلّ على إمكانه بنفس ذلك. محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٣٢٢.
ثمّ إنّ المحقّق النائينيّ ـ بعد ما أنكر رجوع القيد إلى الهيئة وأنكر رجوعه إلى المادّة بالمعنى الّذي يظهر من تقريرات درس الشيخ من كون القيد قيدا للواجب مع كون الواجب فعليّا ـ التزم برجوع القيد إلى المادّة المنتسبة ، بمعنى أنّ القيد يطرأ على المادّة من حيث ورود النسبة عليها ، أي بما هي منتسبة إلى الفاعل. أجود التقريرات ١ : ١٣٠ ـ ١٣١.
(٢) أي : ولو متعلّقا بذاك الشيء الّذي توجّه إليه وكان موافقا للغرض على تقدير حصول الشرط.
(٣) أي : رجوع القيد إلى الطلب المفاد من الهيئة.
(٤) أي : الأحكام الإنشائيّة.
(٥) أي : المنع عن فعليّة الأحكام الواقعيّة الإنشائيّة غير عزيز. فلا تلازم بين الإنشائيّة والفعليّة.