الفصل الثالث
[في الإجزاء]
الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء (١) في الجملة (٢) بلا شبهة. وقبل الخوض في تفصيل المقام وبيان النقض والإبرام ينبغي تقديم امور :
أحدها : [المراد من «وجهه»]
الظاهر أنّ المراد من «وجهه» في العنوان هو النهج الّذي ينبغي أن يؤتى به
__________________
(١) لا يخفى عليك : أنّ ظاهر العناوين في مسألة الإجزاء إلى زمان الشيخ الأعظم الأنصاريّ أنّ هذه المسألة مسألة لفظيّة ، لها صلة بما تعلّق بصيغة الأمر ، كما قال الشيخ ـ في العدّة ١ : ٢١٢ ـ : «إنّ الأمر هل يقتضي كون المأمور به مجزيا أم لا؟» ، وقال الشيخ محمّد حسين الاصفهانيّ ـ في الفصول الغرويّة : ١١٦ ـ : «إنّ الأمر بالشيء هل يقتضي الإجزاء إذا اتي بالمأمور به على وجهه أم لا؟».
ولكن عدل عنه الشيخ الأنصاريّ وذهب إلى أنّ المسألة عقليّة ، فقال في عنوان المسألة : «اختلفوا في أنّ إتيان المأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أو لا؟» ثمّ قال : «إنّ البحث هنا انّما هو في اقتضاء إتيان المأمور به عقلا». وتبعه المصنّف في المقام. واختاره أكثر من تأخّر عن المصنّف. فراجع مطارح الأنظار : ١٨ ، فوائد الاصول ١ : ٢٤٢ ، مقالات الاصول ١ : ٢٦٢ ، نهاية الدراية ١ : ٢٥٧ ، المحاضرات ٢ : ٢٢٠.
إن قلت : فلم جعلها المصنّف ذيل المسائل المتعلّقة بالأوامر؟
قلت : إنّ مجرّد ذكرها ذيل المسائل المتعلّقة بالأوامر ليس دليلا على كونها من المسائل اللفظيّة ، كما أنّه ذكر مسألة مقدّمة الواجب ذيل مباحث الأوامر مع أنّه صرّح بكونها مسألة عقليّة ، كما سيأتي.
(٢) ضرورة أنّ الإجزاء بالنسبة إلى أمره الواقعيّ مما لا ينكره أحد.