تعلّق الأمر بها ، والمعتبر من القدرة المعتبرة عقلا في صحّة الأمر إنّما هو في حال الامتثال لا حال الأمر (١) ـ واضح الفساد ، ضرورة أنّه وإن كان تصوّرها كذلك (٢) بمكان من الإمكان ، إلّا أنّه لا يكاد يمكن الإتيان بها بداعي أمرها ، لعدم الأمر بها ، فإنّ الأمر حسب الفرض تعلّق بها مقيّدة بداعي الأمر (٣) ، ولا يكاد يدعو الأمر إلّا إلى ما تعلّق به ، لا إلى غيره.
إن قلت : نعم ، ولكن نفس الصلاة أيضا صارت مأمورا بها بالأمر بها مقيّدة.
قلت : كلّا ، لأنّ ذات المقيّد لا تكون مأمورا بها ، فإنّ الجزء التحليليّ العقليّ لا يتّصف بالوجوب أصلا ، فإنّه ليس إلّا وجود واحد واجب بالوجوب النفسيّ ، كما ربّما يأتي في باب المقدّمة (٤).
إن قلت : نعم ، لكنّه إذا اخذ قصد الامتثال شرطا ، وأمّا إذا اخذ شطرا فلا محالة نفس الفعل الّذي تعلّق الوجوب به مع هذا القصد يكون متعلّقا للوجوب ، إذ المركّب ليس إلّا نفس الأجزاء بالأسر ، ويكون تعلّقه بكلّ بعين تعلّقه بالكلّ ، ويصحّ أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ، ضرورة صحّة الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه (٥).
قلت : مع امتناع اعتباره كذلك ، فإنّه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير
__________________
(١) هذا دليل لقول المتوهّم : «وإمكان الإتيان بها بهذا الداعي» وجواب عن المحذور الثاني.
وحاصله : أنّ القدرة المعتبرة في التكليف هي القدرة على الفعل حين الامتثال ، والقدرة على قصد الأمر حاصلة في ظرف الامتثال ، لتحقّق الأمر ، فالقدرة على الفعل موجودة ويتمكّن المكلّف من إتيانه بداعي الأمر به.
(٢) أي : مقيّدة بداعي الأمر.
(٣) وهي غير مقدورة ، لتوقّفها على تعلّق الأمر بذات الصلاة حتّى يصحّ الإتيان بها بداعى أمرها.
(٤) يأتي في الصفحة : ١٩٦ من هذا الجزء ، حيث قال : «فلو نهض دليل على وجوبها فلا محالة يكون وجوبها نفسيّا ...».
(٥) فيقال : ذات الفعل جزء من الواجب ، وكلّ جزء من أجزائه يجوز إتيانه بداعي وجوب نفسه بالكلّ ، فذات الفعل يجوز إتيانها بداعي وجوب نفسه.