لو لا التحضيضيّة (١) ـ وجب التحذّر ، وإلّا لغا وجوبه (٢).
ثالثها : أنّه جعل غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة (٣).
ويشكل الوجه الأوّل (٤) بأنّ التحذّر لرجاء إدراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ، حسن (٥) ، وليس بواجب فيما لم يكن هناك حجّة على التكليف. ولم يثبت هاهنا عدم الفصل ، غايته عدم القول بالفصل (٦).
والوجه الثاني والثالث بعدم انحصار فائدة الإنذار بإيجاب التحذّر (٧) تعبّدا ، لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الإطلاق (٨) ، ضرورة أنّ الآية مسوقة لبيان
__________________
(١) لأنّ حروف التحضيض ـ وهي «لو لا ، لو ما ، إلّا ، ألّا ، هلّا» ـ إذا دخلت على فعل مضارع أفادت طلب الفعل والترغيب عليه ، وإذا دخلت على الفعل الماضي ـ كما في الآية الشريفة ـ أفادت الذمّ والتوبيخ على ترك الفعل. راجع شرح الرضي على الكافية ٤ : ٤٤٢ ، وشرح ابن عقيل ٢ : ٣٩٤.
(٢) أي : وجوب الإنذار.
(٣) والحاصل : أنّه جعل التحذّر غاية للإنذار ، والإنذار بمقتضى كونه غاية للنفر الواجب واجب ، فالتحذّر غاية للواجب ، وغاية الواجب واجبة ، فالتحذّر واجب.
ولا يخفى : أنّ هذه الوجوه الثلاثة ذكرها الشيخ الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨.
(٤) وهو وجود الملازمة بين محبوبيّة التحذّر وبين وجوبه شرعا وعقلا.
(٥) خبر قوله : «بأنّ التحذّر».
(٦) حاصل الإشكال : أنّه لا ملازمة بين محبوبيّة الحذر وبين وجوبه عقلا ، كما لا ملازمة بينها وبين وجوبه شرعا.
أمّا الأوّل : فلأنّ التحذّر عن الشيء قد يكون لتنجّز التكليف وفعليّته ، فيكون تحذّرا عن العقاب ، ولا ريب ـ حينئذ ـ في ثبوت الملازمة بين محبوبيّة الحذر ووجوبه عقلا. وقد يكون لرجاء إدراك الواقع وخوفا من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ، من دون أن يكون التكليف منجّزا ، فلا يكون تحذّرا من العقوبة ، ولا شكّ ـ حينئذ ـ في عدم ثبوت الملازمة بين محبوبيّة الحذر ووجوبه عقلا.
وأمّا الثاني : فلأنّ القول بعدم الفصل بينهما شرعا غير ثابت ، بل غاية ما يثبت هو عدم القول بالفصل ، وهو غير مفيد.
(٧) وفي بعض النسخ : «بالتحذّر».
(٨) أي : وجوب التحذّر مطلقا ، سواء أفاد العلم أم لا.