عدم الاطّلاع عليها كذلك (١) إلّا مجملا بعيد (٢) ، فافهم.
الثالث : [نقل التواتر بخبر الواحد]
انّه ينقدح ممّا ذكرنا في نقل الإجماع حال نقل التواتر ، وأنّه من حيث المسبّب لا بدّ في اعتباره من كون الإخبار به إخبارا على الإجمال بمقدار يوجب قطع المنقول إليه بما أخبر به لو علم به ، ومن حيث السبب يثبت به (٣) كلّ مقدار كان إخباره بالتواتر دالّا عليه ، كما إذا أخبر به على التفصيل. فربما لا يكون إلّا دون حدّ التواتر ، فلا بدّ في معاملته معه معاملته (٤) من لحوق مقدار آخر من الأخبار يبلغ المجموع ذاك الحدّ. نعم لو كان هناك أثر للخبر المتواتر في الجملة ـ ولو عند المخبر ـ لوجب ترتيبه عليه ولو لم يدلّ على ما بحدّ التواتر من المقدار.
__________________
(١) لا يخفى : أنّ في قوله : «كذلك» وجهين :
الأوّل : أن يكون معناه : «مفصّلا». وعليه يكون وقوله : «إلّا مجملا» عطف بيان لقوله : «كذلك». وكان الأولى أن يقول : «مع عدم الاطّلاع عليها إلّا مجملا بعيد» ، أو يقول : «مع عدم الاطّلاع عليها كذلك بعيد».
الثاني : أن يكون معناه : «على اختلافها». وعليه يكون معنى العبارة : «إلّا أنّه مع عدم الاطّلاع عليها على اختلافها مفصّلا بعيد».
(٢) وتوضيح كلامه : أنّ كلّا من النقلين لا يصلح لأن يكون سببا للمنقول إليه بعد وجود نقل الخلاف على غيره ، بل ولا جزء سبب ، لأنّ كلّا منهما يمنع عن حصول القطع برأى الإمام عليهالسلام من أحد المنقولين ، إلّا أن يشتمل أحدهما على خصوصيّة توجب الجزم برأي المعصوم عليهالسلام ولو مع الاطّلاع على الخلاف ، ككون المجمعين من أهل الدقّة أو من القدماء. ولا يبعد العلم بهذه الخصوصيّة في صورة الاطّلاع على الفتاوى المختلفة تفصيلا. وأمّا في صورة الاطّلاع عليها إجمالا فالعلم بها بعيد.
(٣) أي : بالتواتر المنقول.
(٤) أي : فلا بدّ في معاملة المنقول إليه مع المقدار الّذي هو دون حدّ التواتر عنده معاملة التواتر التامّ من لحوق مقدار آخر من الأخبار يبلغ المجموع حدّ التواتر.
فالضمير في قوله : «في معاملته» يرجع إلى المنقول إليه. والضمير في قوله : «معه» يرجع إلى المقدار الّذي هو دون حدّ التواتر. وقوله : «معاملته» مفعول مطلق نوعيّ لقوله : «في معاملته» ، وضميره يرجع إلى التواتر التامّ. وقوله : «من لحوق ...» متعلّق بقوله : «فلا بدّ».