ثمّ لا يذهب عليك : أنّ هذا (١) لو تمّ لعمّ ؛ ولا اختصاص له بما إذا كان القطع مأخوذا على نحو الكشف.
الأمر الرابع
[امتناع أخذ القطع بحكم في موضوع نفسه أو مثله أو ضدّه]
لا يكاد يمكن أن يؤخذ القطع بحكم في موضوع نفس هذا الحكم (٢) ، للزوم الدور(٣)؛
__________________
ـ نعم ، إنّما يدلّ دليل اعتبار الأمارة على التنزيل الأوّل ـ أي تنزيل مؤدّاها منزلة الواقع ـ ، فلا يدلّ إلّا على وجوب الصلاة وأنّه بمنزلة الواقع. وأمّا التنزيل الثاني فلا يدلّ عليه دليل اعتبار الأمارة إلّا إذا كان العلم بوجوب الصلاة في عرض وجوب الصلاة ، ولكنّه ليس في عرضه ، بل يكون في طوله ومن لوازمه المترتّبة عليه. فإذا اريد إثبات التنزيل الثاني بنفس الدليل الدالّ على التنزيل الأوّل ـ وهو دليل اعتبار الأمارة ـ كي يترتّب الأثر الشرعيّ ـ وهو وجوب التصدّق ـ لزم الدور ، لأنّ تنزيل الأمارة منزلة القطع موقوف على ترتّب الأثر الشرعيّ عليه ، وإلّا كان التنزيل لغوا ، وترتّب هذا الأثر الشرعيّ موقوف على إحراز موضوعه الّذي يكون القطع بوجوب الصلاة أحد جزئيه ، وإحراز هذا القطع موقوف على كون الأمارة منزّلة منزلة القطع بالواقع الحقيقيّ ، فيكون تنزيل الأمارة منزلة القطع الحقيقيّ موقوفا على نفسه ، وهذا دور.
(١) وفي النسخ المخطوطة : «أنّه هذا». والصحيح ما أثبتناه ، وهو الموافق لما في النسخة المطبوعة الّتي عليها حواشي العلّامة المشكينيّ.
(٢) كما إذا قال المولى : «إذا علمت بوجوب الصلاة تجب عليك الصلاة» أو «إذا علمت بحرمة الخمر يحرم عليك الخمر».
(٣) ويمكن تقريب الدور بوجهين :
الأوّل : أنّ القطع بوجوب الصلاة ـ في المثال السابق ـ موقوف على ثبوت وجوب الصلاة قبل تعلّق العلم به ، لأنّ العارض متوقّف على معروضه ، ووجوب الصلاة أيضا موقوف على العلم بوجوبها ، لأنّ العلم به جزء الموضوع ويتوقّف الحكم على حصول موضوعه ، فيكون العلم بوجوبها موقوف على وجوبها ، ووجوبها موقوف على العلم بوجوبها ، وهذا دور.
ودفعه المحقّق الأصفهانيّ بما حاصله : أنّ الموقوف عليه غير الموقوف عليه ، فإنّ ما يتوقّف عليه القطع هو الصورة الذهنيّة للحكم ، لأنّ القطع من الامور النفسيّة الذهنيّة ولا يتعلّق بالموجودات الخارجيّة ، وما يتوقّف على القطع هو الوجود الخارجيّ للحكم ، فلا دور. نهاية الدراية ٢ : ٧٥ ـ ٧٦. ـ