مراتب الجمع ، كما لا يخفى. فلا بدّ أن تكون دلالته عليه مستندة إلى وضعه كذلك لذلك ، لا إلى دلالة اللام على الإشارة إلى المعيّن ليكون به التعريف.
وإن أبيت إلّا عن استناد الدلالة عليه إليه فلا محيص عن دلالته على الاستغراق بلا توسيط الدلالة على التعيين ، فلا يكون بسببه تعريف إلّا لفظا ، فتأمّل جيّدا.
ومنها : النكرة ، مثل «رجل» في ﴿وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ﴾ (١) ، أو في «جئني برجل» (٢).
ولا إشكال أنّ المفهوم منها في الأوّل (٣) ـ ولو بنحو تعدّد الدالّ والمدلول ـ هو الفرد المعيّن في الواقع ، المجهول عند المخاطب ، المحتمل الانطباق على غير واحد من أفراد الرجل. كما أنّه في الثاني (٤) هي الطبيعة المأخوذة مع قيد الوحدة ،
__________________
ـ والحاصل : أنّ المصنّف رحمهالله أجاب عن التوهّم المذكور بوجهين :
الأوّل : أن لا تعيّن للمرتبة الأخيرة ، بل أقلّ المراتب أيضا متعيّنة.
الثاني : أنّه ـ لو فرض استناد العموم إلى اللام ـ لا تلازم بين دلالته على العموم ودلالته على التعيّن ، بل يمكن أن يستند العموم إلى نفس اللام من دون توسيط دلالتها على التعيّن.
ولكن السيّد المحقّق الخوئيّ أورد على كلا الوجهين :
أمّا الأوّل : فأورد عليه بأنّ أقلّ مراتب الجمع ـ وهي الثلاثة ـ لا تعيّن لها في الخارج ، لأنّ كلّ مرتبة من مراتب الأعداد ـ كالثلاثة والأربعة والخمسة وغيرها ـ كان قابلا للانطباق على الأفراد الكثيرة في الخارج ، فلا تعيّن لها فيه ، حيث أنّا لا نعلم أنّ المراد منه هذه الثلاثة أو تلك وهكذا. نعم ، لها تعيّن في افق النفس.
مضافا إلى أنّ كلمة «اللام» تدلّ على التعيّن الخارجيّ. والتعيّن الخارجيّ منحصر في المرتبة الأخيرة من الجمع. فإذن يتعيّن إرادة المرتبة الأخيرة.
وأمّا الثاني : فأورد عليه بأنّ كلمة «اللام» لم توضع إلّا للدلالة على التعريف والتعيّن. المحاضرات ٥ : ٣٦٠ ـ ٣٦١.
(١) القصص / ٢٠. وهذا مثال لما إذا وقعت النكرة في الجملة الخبريّة.
(٢) وهذا مثال لما إذا وقعت النكرة في الجملة الإنشائيّة.
(٣) أي : في مورد الخبر.
(٤) أي : في مورد الإنشاء.