متّبعا فيما لا يتّبع فيه الخاصّ ، لوضوح أنّه حجّة فيه بلا مزاحم أصلا ، ضرورة أنّ الخاصّ إنّما يزاحمه فيما هو حجّة على خلافه تحكيما للنصّ أو الأظهر على الظاهر ، لا فيما لا يكون كذلك ، كما لا يخفى.
وإن لم يكن كذلك بأن كان دائرا بين المتباينين مطلقا (١) ، أو بين الأقلّ والأكثر فيما كان متّصلا (٢) ، فيسرى إجماله إليه حكما في المنفصل المردّد بين المتباينين ، وحقيقة في غيره(٣).
أمّا الأوّل : فلأنّ العامّ على ما حقّقناه كان (٤) ظاهرا في عمومه ، إلّا أنّه لا يتّبع ظهوره في واحد من المتباينين اللّذين علم تخصيصه بأحدهما (٥).
وأمّا الثاني : فلعدم انعقاد ظهور من رأس للعامّ ، لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكلّ واحد من الأقلّ والأكثر ، أو لكلّ واحد من المتباينين ، لكنّه حجّة في الأقلّ ، لأنّه المتيقّن في البين.
فانقدح بذلك الفرق بين المتّصل والمنفصل. وكذا في المجمل بين المتباينين ، والأكثر والأقلّ ، فلا تغفل.
[الشبهة المصداقيّة]
وأمّا إذا كان مجملا بحسب المصداق ـ بأن اشتبه فرد ، وتردّد بين أن يكون
__________________
(١) أي : سواء كان المخصّص متّصلا أو منفصلا.
ومثاله : ما إذا قال المولى : «أكرم العلماء إلّا زيدا» أو قال : «أكرم العلماء» ، ثمّ قال : «لا تكرم زيدا» وفرضنا أنّ كلمة «زيد» دائر بين زيد بن عمرو وزيد بن خالد.
(٢) كقول المولى : «أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» وكان المفروض أنّ مفهوم الفاسق مجمل ودار أمره بين فاعل الكبيرة فحسب أو الأعمّ منه ومن فاعل الصغيرة.
(٣) أي : في المتّصل المردّد بين المتباينين والمتّصل المردّد بين الأقلّ والأكثر.
(٤) والأولى أن يقول : «وإن كان».
(٥) لأنّ العلم الإجماليّ بخروج أحدهما منه يوجب سقوط العموم عن الحجّيّة ، فإنّ حجّيّة العامّ إنّما تكون ببناء العقلاء المعبّر عنها بأصالة العموم ، وهي لا يمكن تطبيقها على كلا الفردين ، للعلم الإجماليّ بخروج أحدهما ، ولا على أحدهما المعيّن دون الآخر ، لأنّه ترجيح بلا مرجّح.