والتعريف لا بدّ أن يكون بالأجلى ، كما هو أوضح من أن يخفى.
فالظاهر أنّ الغرض من تعريفه إنّما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في أنّها أفراد العامّ ليشار به إليه في مقام إثبات ماله من الأحكام ، لا بيان ما هو حقيقته وماهيّته ، لعدم تعلّق غرض به (١) ـ بعد وضوح ما هو محلّ الكلام بحسب الأحكام من أفراده ومصاديقه ـ ، حيث لا يكون بمفهومه العامّ (٢) محلّا لحكم من الأحكام (٣).
[أقسام العامّ]
ثمّ الظاهر أنّ ما ذكر له من الأقسام من الاستغراقيّ والمجموعيّ والبدليّ (٤) إنّما هو باختلاف كيفيّة تعلّق الأحكام به (٥) ، وإلّا فالعموم
__________________
(١) أي : بما هو حقيقة العامّ.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «لا يكون العامّ بمفهومه».
(٣) بل الأحكام الشرعيّة ثابتة لما هو عامّ بالحمل الشائع ، أي ما يكون مصداقا له.
(٤) والمحقّق النائينيّ أنكر العموم البدليّ ، وقال : «وتسمية العموم البدليّ بالعموم ـ مع أنّ العموم بمعنى الشمول ، والبدليّة تنافي الشمول ـ لا تخلو عن مسامحة. وعلى كلّ تقدير العموم بمعنى الشمول ليس إلّا الاستغراقيّ والمجموعيّ». فوائد الاصول ٢ : ٥١٤.
ولا يخفى : أنّ الملاك في إطلاق العموم على مفهوم هو شموله وسريانه إلى جميع ما يصلح لأن ينطبق عليه. وهذا الشمول والسريان ثابت في العامّ البدليّ ، غاية الأمر أنّ الحكم المتعلّق به يسقط بمجرّد إتيان فرد من الأفراد الّتي يشملها ، ففي مثل قولنا : «جئني برجل أيّ رجل» تشمل كلمة «أيّ رجل» جميع أفراد الرجل ، غاية الأمر يسقط الأمر المتعلّق بهذا المفهوم العامّ بمجرّد إتيان فرد من الأفراد الّتي ينطبق عليها.
(٥) إن قلت : كيف ذلك ولكلّ واحد منها لفظ غير ما للآخر مثل «أيّ رجل» للبدليّ ، و «كلّ رجل» للاستغراقيّ.
قلت : نعم ، ولكنّه لا يقتضي أن تكون هذه الأقسام له ولو بملاحظة اختلاف كيفيّة تعلّق الأحكام ، لعدم إمكان تطرّق هذه الأقسام إلّا بهذه الملاحظة ، فتأمّل جيّدا. منه [أعلى الله مقامه].