قلت : أوّلا : هذا فيما تمّت هناك مقدّمات الحكمة ، ولا تكاد تتمّ فيما هو مفاد الحرف ، كما هاهنا ، وإلّا لما كان معنى حرفيّا ، كما يظهر وجهه بالتأمّل (١).
وثانيا : تعيّنه من بين أنحائه (٢) بالإطلاق المسوق في مقام البيان بلا معيّن. ومقايسته مع تعيّن الوجوب النفسيّ بإطلاق صيغة الأمر مع الفارق ، فإنّ النفسيّ هو الواجب (٣) على كلّ حال ، بخلاف الغيريّ ، فإنّه واجب على تقدير دون تقدير ، فيحتاج بيانه إلى مئونة التقييد بما إذا وجب الغير ، فيكون الإطلاق في الصيغة مع مقدّمات الحكمة محمولا عليه ، وهذا بخلاف اللزوم والترتّب بنحو الترتّب على العلّة المنحصرة ، ضرورة أنّ كلّ واحد من أنحاء اللزوم والترتّب محتاج في تعيّنه إلى القرينة مثل الآخر بلا تفاوت أصلا ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّه ربما يتمسّك للدلالة على المفهوم بإطلاق الشرط بتقريب أنّه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ، ضرورة أنّه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أثّر وحده ، وقضيّة إطلاقه أنّه يؤثّر كذلك مطلقا (٤).
__________________
ـ الحكمة ـ يقتضي كون الشرط المذكور علّة منحصرة. نظير الوجوب النفسيّ المستفاد من إطلاق صيغة الأمر ، حيث يكون قيده عدميّا ولا يحتاج إلى بيان زائد على أصل الوجوب ، بخلاف الوجوب الغيريّ ، كما مرّ.
(١) ولعلّ وجهه أنّ الإطلاق يستلزم لحاظ المطلق استقلالا ، كما أنّ التقييد يستلزم لحاظ المقيّد كذلك. ومعنى الحرفيّ لا يقبل اللحاظ الاستقلاليّ.
ولا يخفى : أنّه ينافي ما تقدّم منه في الواجب المشروط ، حيث قال : «وأمّا حديث عدم الإطلاق في مفاد الهيئة فقد حقّقنا سابقا أنّ كلّ واحد من الموضوع له والمستعمل فيه في الحروف يكون عامّا كوضعها». راجع الجزء الأوّل : ١٨٤.
(٢) أي : تعيّن اللزوم بمعنى العلّيّة المنحصرة من بين أنحاء اللزوم.
(٣) والأولى أن يقول : «هو الوجوب».
(٤) هذا هو الوجه الرابع. وتوضيحه : أنّ إطلاق الشرط يقتضي كونه وحده شرطا ، سواء سبقه الآخر أو قارنه أو لم يسبقه. وهذا يستلزم كونه علّة منحصرة ، لأنّه لو لم يكن شرطا منحصرا لكان التأثير للسابق عليه في صورة سبق غيره وللجامع بينهما في صورة المقارنة ، وهذا ينافي مقتضى إطلاق الشرط. ـ