الحال في الأقوال من بسط المقال في مقامين :
[المقام] الأوّل : في العبادات
فنقول ـ وعلى الله الاتّكال ـ : إنّ النهي المتعلّق بالعبادة بنفسها ولو كانت جزء عبادة بما هو عبادة ـ كما عرفت (١) ـ مقتض لفسادها ، لدلالته على حرمتها ذاتا (٢) ، ولا يكاد يمكن اجتماع الصحّة ـ بمعنى موافقة الأمر أو الشريعة ـ مع الحرمة (٣) ، وكذا بمعنى سقوط الإعادة ، فإنّه مترتّب على إتيانها بقصد القربة وكانت ممّا يصلح لأن يتقرّب به ، ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك ويتأتّى (٤) قصدها من الملتفت إلى
__________________
(١) في الصفحة : ٨١ من هذا الجزء ، حيث قال : «وكذا القسم الثاني ...».
(٢) لا يخفى : أنّ ظاهر العبارة أنّ النهي يدلّ على حرمة العبادة بالدلالة الوضعيّة. ولا بدّ من حمله على المسامحة في التعبير ، وإلّا فإن أراد دلالته عليه بالمطابقة أو التضمّن فهي تنافي ما ذكره من أنّ النهي لا يدلّ إلّا على الطلب. وإن أراد دلالته بالالتزام فهي ممنوعة ، إذ ليس بين مدلول النهي ـ وهو طلب الترك ـ وبين الحرمة لزوم عقليّ بيّن بالمعنى الأخصّ ، ولا لزوم عرفيّ. فيحمل كلامه على الدلالة العقليّة وإن كان خلاف ظاهر كلامه ، فيكون المعنى : أنّ النهي يقتضي حرمة العبادة ذاتا.
ولا يخفى أيضا : أنّ في قوله : «ذاتا» وجوه :
الأوّل : أن يكون قيدا للدلالة والاقتضاء ، فيكون المعنى : أنّ النهي يقتضي حرمة العبادة اقتضاء ذاتيّا.
وهذا الوجه وإن كان مناسبا لظاهر العبارة ، إلّا أنّه ليس بمقصود قطعا ، ضرورة أنّ النهي بذاته لا يقتضي حرمة متعلّقه ، وإلّا يلزم حرمة متعلّقه في النواهي التنزيهيّة أيضا ، وهو كما ترى.
الثاني : أن يكون قيدا للنهي ، فيكون المعنى : أنّ النهي الذاتيّ يقتضي حرمة العبادة.
والمراد من النهي الذاتيّ هو النهي المولويّ قبال الإرشاديّ.
وهذا الوجه أيضا غير مقصود ، لعدم اختصاص النزاع بالنهي التحريميّ ، كما مرّ.
الثالث : أن يكون قيدا للحرمة ، فيكون المعنى : أنّ النهي يقتضي الحرمة الذاتيّة للعبادة.
وهذا الوجه يلائم ما يأتي ذيل قوله : «لا يقال».
(٣) لأنّه لا أمر مع الحرمة كي يتحقّق موافقة الأمر.
(٤) أي : ولا يكاد يتأتّى ...