الحقيقة إلّا ترك الدخول. فمن لم يشرب الخمر لعدم وقوعه في المهلكة الّتي يعالجها به ـ مثلا ـ لم يصدق عليه إلّا أنّه لم يقع في المهلكة ، لا أنّه ما شرب الخمر فيها ، إلّا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ، كما لا يخفى.
وبالجملة : لا يكون الخروج ـ بملاحظة كونه مصداقا للتخلّص عن الحرام أو سببا له ـ إلّا مطلوبا ، ويستحيل أن يتّصف بغير المحبوبيّة ويحكم عليه بغير المطلوبيّة.
قلت : هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلّص مأمورا به. وهو موافق لما أفاده شيخنا العلّامة أعلى الله مقامه ـ على ما في تقريرات بعض الأجلّة ـ. لكنّه لا يخفى : أنّ ما به التخلّص عن فعل الحرام أو ترك الواجب إنّما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل ـ وإن كان قبيحا ذاتا ـ إذا لم يتمكّن المكلّف من التخلّص بدونه ولم يقع بسوء اختياره إمّا في الاقتحام في ترك الواجب (١) أو فعل الحرام (٢) ، وإمّا في الإقدام على ما هو قبيح وحرام (٣) لو لا أنّ به التخلّص بلا كلام ، كما هو (٤) المفروض فى المقام ، ضرورة تمكّنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
وبالجملة : كان قبل ذلك متمكّنا من التصرّف خروجا كما يتمكّن منه دخولا ، غاية الأمر يتمكّن منه بلا واسطة ومنه بالواسطة (٥) ؛ ومجرّد عدم التمكّن منه إلّا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا كما هو الحال في البقاء ؛ فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات فكذلك الخروج ، مع أنّه مثله في الفرعيّة على الدخول ،
__________________
(١) وهو التخلّص من الحرام في المثال المذكور.
(٢) كالبقاء في الدار المغصوبة.
(٣) وهو الخروج عن الدار ، فإنّه تصرّف آخر في المغصوب ، وهو حرام.
(٤) أي : عدم انحصار التخلّص به.
(٥) أي : غاية الأمر يتمكّن من الدخول بلا واسطة ومن الخروج بواسطة الدخول.