[٢ ـ مختار الشيخ الأنصاريّ والإيراد عليه]
إن قلت (١) : إنّ التصرّف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام بلا إشكال ولا كلام. وأمّا التصرّف بالخروج الّذي يترتّب عليه رفع الظلم ويتوقّف عليه التخلّص عن التصرّف الحرام فهو ليس بحرام في حال من الحالات ، بل حاله حال مثل (٢) شرب الخمر المتوقّف عليه النجاة من الهلاك في الاتّصاف بالوجوب في جميع الأوقات.
ومنه ظهر المنع عن كون جميع أنحاء التصرّف في أرض الغير ـ مثلا ـ حراما قبل الدخول وأنّه يتمكّن من ترك الجميع حتّى الخروج. وذلك لأنّه لو لم يدخل لما كان متمكّنا من الخروج وتركه ، وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في
__________________
ـ ولا يخفى : أنّ الاحتمالات الثلاثة الأخيرة يرجع كلّها إلى معنى واحد. ولكن الأولى أن يحمل العبارة على الاحتمال الثالث.
أمّا الوجه في أولويّته من الاحتمالين الأخيرين أنّه لا يستلزم مخالفة الظاهر من جهة عدم سبق ذكر للدخول كي يعود الضمير إليه.
وأمّا الوجه في أولويّته من الاحتمال الأوّل أنّه يستدعي ثبوت الحرمة قبل الدخول وارتفاعها بعد الدخول. وهذا يؤدّي إليه قول الخصم من أنّ الخروج لمّا كان مقدّمة للتخلّص الأهمّ ارتفعت مبغوضيّته وصارت واجبة. والمصنّف رحمهالله يكون بصدد ذكر ما يلازمه قول الخصم.
وأمّا الوجه في أولويّته من الاحتمال الثاني أنّه لا يرد عليه ما أورده المحقّق الأصفهانيّ.
وقوله : «وهو كما ترى» إشارة إلى المحذور الأوّل الّذي يلزم من تعليق حرمة الخروج وعدمها على إرادة المكلّف وعدمها. وحاصله : أنّ إرادة المكلّف ليست من شرائط التكليف ، فلا دخل لها في أحكام الموضوعات.
وقوله : «مع أنّه خلاف الفرض ...» إشارة إلى المحذور الثاني اللازم من التعليق. وحاصله : أنّ المفروض ما إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار ، وصدق الاضطرار بسوء الاختيار يتوقّف على حرمة الخروج ، فلو صار الخروج غير محرّم بعد الإرادة فلا اضطرار بالحرام كي يصدق كونه بسوء الاختيار.
(١) والقائل هو الشيخ الأعظم الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار : ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٢) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «حاله مثل حال ....».