ولو بالعرض والمجاز ، إلّا على القول بالجواز. وكذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان ، فإنّه لو لم يؤكّد الإيجاب لما يصحّح الاستحباب إلّا اقتضائيّا بالعرض والمجاز. فتفطّن.
[الأمر الثاني والجواب عنه]
ومنها (١) : أنّ أهل العرف يعدّون من أتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرّم مطيعا وعاصيا من وجهين ، فإذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان خاصّ ـ كما مثّل به الحاجبيّ والعضديّ (٢) ـ فلو خاطه في ذاك المكان عدّ مطيعا لأمر الخياطة ، وعاصيا للنهي عن الكون في ذلك المكان.
وفيه : مضافا إلى المناقشة في المثال بأنّه ليس من باب الاجتماع ، ضرورة أنّ الكون المنهيّ عنه غير متّحد مع الخياطة وجودا أصلا ، كما لا يخفى (٣) ـ المنع إلّا عن صدق أحدهما : إمّا الإطاعة بمعنى الامتثال فيما غلب جانب الأمر ، أو العصيان فيما غلب جانب النهي ، لما عرفت من البرهان على الامتناع. نعم ، لا بأس بصدق الإطاعة ـ بمعنى حصول الغرض ـ والعصيان في التوصّليّات. وأمّا في العبادات فلا يكاد يحصل الغرض منها إلّا فيما صدر من المكلّف فعلا غير محرّم وغير مبغوض عليه ، كما تقدّم (٤).
__________________
(١) وهذا هو الدليل الثالث الّذي استدلّ به المحقّق القميّ على الجواز ، فراجع القوانين ١ : ١٤٨.
(٢) راجع شرح العضديّ على مختصر الحاجبيّ ١ : ٩٢ ـ ٩٣.
(٣) ولعلّه ذكر الشيخ الأعظم الأنصاريّ مثالا آخر ، فقال : «كما إذا أمر المولى بالمشي ونهاه عن الحركة في مكان خاصّ ، فإنّ العبد لو خالف المولى وأوجد المشي المأمور به في ضمن الحركة في ذلك المكان عدّ عاصيا ومطيعا ، يستحقّ بالأوّل اللوم والعقاب ، وبالثاني المدح والثواب». مطارح الأنظار : ١٤٨.
(٤) تقدّم في الأمر العاشر من الامور المتقدّمة على الخوض في المقصود ، حيث قال : «إلّا أنّه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرّب به» ، راجع الصفحة : ٢٧ من هذا الجزء.