بالخبر الغير العلميّ في زماننا هذا وشبهه ممّا انسدّ فيه باب القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر ؛ فإنّ الظاهر أنّ السيّد إنّما منع من ذلك لعدم الحاجة إلى خبر الواحد المجرّد ، كما يظهر من كلامه المتضمّن للاعتراض على نفسه بقوله :
كلام السيّد المرتضى قدسسره
فإن قلت : إذا سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد فعلى أيّ شيء تعوّلون في الفقه كلّه؟
فأجاب بما حاصله : أنّ معظم الفقه يعلم بالضرورة والإجماع والأخبار العلميّة ، وما يبقى من المسائل الخلافيّة يرجع فيها إلى التخيير (١).
وقد اعترف السيّد رحمهالله في بعض كلامه ـ على ما في المعالم (٢) ـ بل وكذا الحلّي في بعض كلامه (٣) ـ على ما هو ببالي ـ : بأنّ العمل بالظنّ متعيّن فيما لا سبيل فيه إلى العلم.
٣ - استقرار سيرة المسلمين على العمل بخبر الواحد
الثالث من وجوه تقرير الإجماع :
استقرار سيرة المسلمين طرّا على استفادة الأحكام الشرعيّة من أخبار الثقات المتوسّطة بينهم وبين الإمام عليهالسلام أو المجتهد.
أترى : أنّ المقلّدين يتوقّفون في العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد ، أو الزوجة تتوقّف فيما يحكيه زوجها عن المجتهد في مسائل حيضها وما
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣١٢ ـ ٣١٣ ، وراجع الصفحة ٣٢٩.
(٢) المعالم : ١٩٦ ـ ١٩٧ ، وانظر رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢١٠.
(٣) انظر السرائر ١ : ٤٦ و ٤٩.