٤. مقدّمة الوجوب
قسّموا المقدّمة إلى قسمين مشهورين :
١. مقدّمة الوجوب وتسمّى «المقدّمة الوجوبيّة» ، وهي : ما يتوقّف عليها نفس الوجوب ، بأن تكون شرطا للوجوب على قول مشهور (١). وقيل : إنّها تؤخذ في الواجب على وجه تكون مفروضة التحقّق والوجود على قول آخر (٢) ، ومع ذلك تسمّى «مقدّمة الوجوب». ومثالها الاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ، وكالبلوغ ، والعقل ، والقدرة بالنسبة إلى جميع الواجبات ، ويسمّى الواجب بالنسبة إليها «الواجب المشروط».
٢. مقدّمة الواجب وتسمّى «المقدّمة الوجوديّة» ، وهي ما يتوقّف عليها وجود الواجب بعد فرض عدم تقييد الوجوب بها ؛ بل يكون الوجوب بالنسبة إليها (٣) مطلقا ، ولا تؤخذ بالنسبة إليه (٤) مفروضة الوجود ، بل لا بدّ من تحصيلها مقدّمة لتحصيله ، كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة ، والسفر بالنسبة إلى الحجّ ونحو ذلك. ويسمّى الواجب بالنسبة إليها «الواجب المطلق» (٥).
والمقصود من ذكر هذا التقسيم بيان أنّ محلّ النزاع في مقدّمة الواجب هو خصوص القسم الثاني ، أعني المقدّمة الوجوديّة ، دون المقدّمة الوجوبيّة. والسرّ واضح ؛ لأنّه إذا كانت المقدّمة الوجوبيّة مأخوذة على أنّها مفروضة الحصول فلا معنى لوجوب تحصيلها ، فإنّه خلف (٦) ، فلا يجب تحصيل الاستطاعة لأجل الحجّ ، بل إن اتّفق حصول الاستطاعة ، وجب
__________________
(١) وهو القول بأنّ الشرط في الواجب المشروط يرجع إلى الهيئة ، كما ذهب إليه في القوانين ١ : ١٠٠ ، وهداية المسترشدين : ١٩٢ ، والفصول : ٧٩ ، والكفاية : ١٢١ ، والمحاضرات ٢ : ٣٢٩.
(٢) وهو القول برجوع الشرط في الواجب المشروط إلى المادّة ، كما ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار : ٤٥ ـ ٤٦.
(٣) أي بالنسبة إلى مقدّمة الوجود.
(٤) أي بالنسبة إلى الواجب.
(٥) راجع عن الواجب المشروط والمطلق ، الجزء الأوّل ص ١٠٤. ـ منه رحمهالله ـ.
(٦) بيان ذلك : أنّ المقدّمة الوجوبيّة ـ كما مرّ ـ هي ما يتوقّف عليه وجوب الواجب ، بأن يكون شرطا لوجوب ـ