وثانيا : لا يكاد يلزم الاجتماع أصلا ، لاختصاص الوجوب بغير المحرّم في غير صورة الانحصار به. وفيها إمّا لا وجوب للمقدّمة لعدم وجوب ذي المقدّمة لأجل المزاحمة ، وإمّا لا حرمة لها لذلك ، كما لا يخفى (١).
وثالثا : أنّ الاجتماع وعدمه لا دخل له في التوسّل (٢) بالمقدّمة المحرّمة وعدمه أصلا ، فإنّه يمكن التوسّل بها إن كانت توصّليّة ، ولو لم نقل بجواز الاجتماع ، وعدم جواز التوسّل بها (٣) إن كانت تعبّديّة على القول بالامتناع ـ قيل بوجوب المقدّمة أو بعدمه ـ ، وجواز التوسّل بها على القول بالجواز كذلك ـ أي قيل بالوجوب أو بعدمه ـ. وبالجملة : لا يتفاوت الحال في جواز التوسّل بها وعدم جوازه أصلا بين أن يقال بالوجوب أو يقال بعدمه ، كما لا يخفى.
[الأمر السادس]
في تأسيس الأصل في المسألة
اعلم أنّه لا أصل في محلّ البحث في المسألة (٤) ، فإنّ الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذي المقدّمة وعدمها ليست لها حالة سابقة ، بل تكون الملازمة أو عدمها أزليّة (٥).
نعم ، نفس وجوب المقدّمة يكون مسبوقا بالعدم ، حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذي المقدّمة ، فالأصل عدم وجوبها.
وتوهّم عدم جريانه ـ لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهيّة غير
__________________
ـ تعليليّ يوجب عرض الوجوب على مثل الوضوء ، فهو خارج عن متعلّق الأمر. فلا تندرج مقدّمة الواجب في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، بل تندرج في مسألة النهي عن العبادة إن كانت المقدّمة عبادة ، وفي مسألة النهي عن المعاملة إن كانت معاملة.
(١) لا يخفى عليك : أنّه سقط هذا الجواب عن شرح السيّد الحكيم ، وضرب عليه في النسخة الأصليّة.
(٢) وفي بعض النسخ : «في التوصّل». والمعنى واحد.
(٣) وكان الأولى أن يقول : «ولا يجوز التوسّل بها ...».
(٤) أي : في المسألة الاصوليّة.
(٥) وزاد المحقّق العراقيّ أنّ البراءة أيضا لا تجري في المقام ، لعدم كون الملازمة أمرا شرعيّا ولا موضوعا لأثر شرعيّ ، لأنّ ترتّب فعليّة الوجوب على الملازمة ترتّب عقليّ ، لا شرعيّ.