مشروط به فهو مطلق بالإضافة إليه ، وإلّا فمشروط كذلك ، وإن كانا بالقياس إلى شيء آخر كانا بالعكس.
[الشرط من قيود الهيئة]
ثمّ الظاهر أنّ الواجب المشروط ـ كما أشرنا إليه ـ نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط ، بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط ، كما هو ظاهر الخطاب التعليقيّ ، ضرورة أنّ ظاهر خطاب «إن جاءك زيد فأكرمه» كون الشرط من قيود الهيئة وأنّ طلب الإكرام وإيجابه معلّق على المجيء ؛ لا أنّ الواجب فيه يكون مقيّدا به ـ بحيث يكون الطلب والإيجاب في الخطاب فعليّا ومطلقا ، وإنّما الواجب يكون خاصّا ومقيّدا ـ ، وهو الإكرام على تقدير المجيء ، فيكون الشرط من قيود المادّة لا الهيئة ، كما نسب ذلك إلى شيخنا العلّامة رحمهالله مدّعيا لامتناع كون الشرط من قيود الهيئة واقعا ، ولزوم كونه من قيود المادّة لبّا ، مع الاعتراف بأنّ قضيّة القواعد العربيّة أنّه من قيود الهيئة ظاهرا.
أمّا امتناع كونه من قيود الهيئة : فلأنّه لا إطلاق في الفرد الموجود من الطلب المتعلّق بالفعل المنشأ بالهيئة حتّى يصحّ القول بتقييده بشرط ونحوه ، فكلّ ما يحتمل رجوعه إلى الطلب الّذي يدلّ عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع إلى نفس المادّة.
وأمّا لزوم كونه من قيود المادّة لبّا : فلأنّ العاقل إذا توجّه إلى شيء والتفت إليه فإمّا أن يتعلّق طلبه به ، أو لا يتعلّق به طلبه أصلا. لا كلام على الثاني. وعلى الأوّل ، فإمّا أن يكون ذاك الشيء موردا لطلبه وأمره مطلقا على اختلاف طوارئه أو على تقدير خاصّ ؛ وذلك التقدير تارة يكون من الامور الاختياريّة ، واخرى لا يكون كذلك ؛ وما كان من الامور الاختياريّة قد يكون مأخوذا فيه على نحو يكون موردا للتكليف ، وقد لا يكون كذلك على اختلاف الأغراض الداعية إلى طلبه والأمر به ، من غير فرق في ذلك بين القول بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد والقول بعدم التبعيّة ، كما لا يخفى.