رابعها : [فارق المسألة عن مسألة المرّة والتكرار]
الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرّة والتكرار لا يكاد يخفى ، فإنّ البحث هاهنا في أنّ الإتيان بما هو المأمور به يجزئ عقلا؟ بخلافه في تلك المسألة ، فإنّه في تعيين ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها أو بدلالة اخرى. نعم ، كان التكرار عملا موافقا لعدم الإجزاء ، لكنّه لا بملاكه.
وهكذا الفرق بينها وبين مسألة تبعيّة القضاء للأداء (١) ، فإنّ البحث في تلك المسألة في دلالة الصيغة على التبعيّة وعدمها. بخلاف هذه المسألة ، فإنّه ـ كما عرفت ـ في أنّ الإتيان بالمأمور به يجزئ عقلا عن إتيانه ثانيا ـ أداء أو قضاء ـ أو لا يجزئ؟ فلا علقة بين المسألة والمسألتين أصلا.
إذا عرفت هذه الامور فتحقيق المقام يستدعي البحث والكلام في موضعين :
الموضع الأوّل
[في إجزاء الإتيان بالمأمور به عن التعبّد به ثانيا]
انّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعيّ ، بل أو (٢) بالأمر الاضطراريّ أو الظاهريّ أيضا يجزئ عن التعبّد به ثانيا ، لاستقلال العقل بأنّه لا مجال مع موافقة الأمر بإتيان المأمور به على وجهه لاقتضائه التعبّد به ثانيا.
نعم ، لا يبعد أن يقال بأنّه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبّد به ثانيا بدلا عن التعبّد به أوّلا ، لا منضمّا إليه ـ كما أشرنا إليه في المسألة السابقة (٣) ـ. وذلك فيما
__________________
(١) لا يخفى عليك : أنّه لا وجه لتعرّض الفرق بينهما بعد عدم وجود أيّ تشابه بينهما يوجب توهّم رجوعهما إلى بحث واحد. كيف؟ والموضوع في هذه المسألة هو الإتيان بالمأمور به وأنّه يجزئ عن الواقع أم لا؟ والموضوع في تلك المسألة هو عدم الإتيان بالمأمور به في الوقت.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يحذف كلمة «أو».
(٣) راجع مبحث المرّة والتكرار ، الصفحة : ١٥٣.