الصيغة (١).
إن قلت : هذا إنّما يكون كذلك بالنسبة إلى أمره (٢) ، وأمّا بالنسبة إلى أمر آخر ـ كالإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراريّ أو الظاهريّ بالنسبة إلى الأمر الواقعيّ ـ فالنزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما على اعتباره (٣) بنحو يفيد الإجزاء أو بنحو آخر لا يفيده (٤).
قلت : نعم ، لكنّه لا ينافي كون النزاع فيهما في الاقتضاء (٥) بالمعنى المتقدّم ،
__________________
ـ بل في كثير من المباحث الاصوليّة. فيقال ـ مثلا ـ : «هل يقتضي وجوب ذي المقدّمة وجوب المقدّمة؟».
وبالجملة : فالمراد من الاقتضاء في المقام هو الاستلزام ، فيكون معنى قوله : «الإتيان بالمأمور به يقتضي الإجزاء» أنّ الإتيان بالمأمور به يستلزم عقلا سقوط التكليف شرعا.
(١) وقد اشكل عليه : بأنّه كلمة «الاقتضاء» في كلام القوم منسوب إلى الأمر ـ كما في الفصول والقوانين ـ ، فلا يصحّ الاستشهاد على إرادة العلّيّة من الاقتضاء بأنّه ورد منسوبا إلى الإتيان.
والجواب عنه : أنّ المصنّف لم يكن بصدد بيان المراد من الاقتضاء في كلام من ذهب إلى كون المسألة لفظيّة ، بل كان في مقام بيان المراد من الاقتضاء في كلام من ذهب إلى كون المسألة عقليّة ، كالشيخ الأنصاريّ ، فإنّه أسند الاقتضاء إلى الإتيان ، لا الأمر.
(٢) أي : الأمر المتعلّق بالمأتي به.
(٣) الضمير يرجع إلى المأمور به بالأمر الاضطراريّ أو الظاهريّ.
(٤) وحاصل الإشكال : أنّ كلمة «الاقتضاء» في العنوان ليس بمعنى العلّيّة مطلقا ، بل يكون في بعض الموارد بمعنى العلّيّة وفي بعض آخر بمعنى الدلالة. بيان ذلك : أنّ النزاع في المسألة تارة يكون في إجزاء المأمور به عن أمره ـ كإجزاء المأمور به بالأمر الواقعيّ عن الأمر الواقعيّ ، وإجزاء المأمور به بالأمر الاضطراريّ عن الأمر الاضطراريّ ، وإجزاء المأمور به الظاهريّ عن الأمر الظاهريّ ـ حينئذ يكون الاقتضاء بمعنى العلّيّة ، إذ لا تلحظ دلالة الدليل. واخرى يكون في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراريّ أو الظاهريّ عن الأمر الواقعيّ ، فيبحث عن دلالة الدليل على اعتبار المأمور به بالأمر الاضطراريّ أو الظاهريّ بنحو يفيد سقوط الأمر الواقعيّ أو بنحو آخر لا يفيد سقوط الأمر الواقعيّ؟
(٥) وفي بعض النسخ : «فيهما كان في الاقتضاء». ولكن الصحيح ما أثبتناه ، بل هو ما يستظهر من النسخة الأصليّة بعد الدقّة فيها.