والتثنية والجمع في الأعلام (١) إنّما هو بتأويل المفرد إلى المسمّى بها (٢). مع أنّه لو قيل بعدم التأويل وكفاية الاتّحاد في اللفظ في استعمالهما حقيقة ، بحيث جاز إرادة عين جارية وعين باكية من تثنية «العين» حقيقة ، لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الأكثر ، لأنّ هيئتهما (٣) إنّما تدلّ على إرادة المتعدّد ممّا يراد من مفردهما ، فيكون استعمالهما وإرادة المتعدّد من معانيه (٤) استعمالهما في معنى واحد ، كما إذا استعملا واريد المتعدّد من معنى واحد منهما ، كما لا يخفى.
نعم لو اريد ـ مثلا ـ من «عينين» فردان من الجارية وفردان من الباكية كان من استعمال العينين في المعنيين ، إلّا أنّ حديث التكرار لا يكاد يجدي في ذلك أصلا ، فإنّ فيه إلغاء قيد الوحدة المعتبرة أيضا ، ضرورة أنّ التثنية عنده إنّما يكون لمعنيين أو لفردين بقيد الوحدة. والفرق بينهما وبين المفرد إنّما يكون في أنّه موضوع للطبيعة ، وهي موضوعة لفردين منها أو معنيين ، كما هو أوضح من أن يخفى.
وهم ودفع
لعلّك تتوهّم أنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطونا سبعة (٥) أو سبعين (٦) تدلّ
__________________
(١) إشارة إلى إشكال مقدّر ، حاصله : أنّ ما ذكرتم في التثنية والجمع لا يتمّ في تثنية الأعلام ولا في جمعها ، لأنّ المراد من المثنّى في الأعلام هو معنيان ، إذ كلّ لفظ من مفردها وضع لما هو مباين للموضوع له الآخر ، فإنّ كلمة «زيدين» ـ مثلا ـ يستعمل ويراد به معنيان ، لا فردان من معنى واحد.
(٢) أي : بالأعلام. هذا دفع الإشكال المذكور ، وحاصله : أنّ الأعلام الّتي تلحقها علامة التثنية والجمع ليست مستعملة في معانيها الحقيقيّة الّتي لا تقبل التعدّد ، بل تستعمل في معنى مجازيّ ـ وهو «المسمّى» ـ ثمّ تثنّى وتجمع ، فعلامة التثنية والجمع ترد على المسمّى ويكون معنى قولنا : «زيدان» فردين من المسمّى بلفظ «زيد».
(٣) وهي : الألف والنون أو الواو والنون.
(٤) أي : معاني المفرد.
(٥) بحار الأنوار ٩٢ : ٧٨ ـ ١٠٦ ، الكافي ٢ : ٥٩٩.
(٦) لم أعثر على رواية تدلّ على أنّ للقرآن سبعين بطنا.