الآية الثانية : آية «النفر»
ومن جملة الآيات : قوله تعالى في سورة براءة :
﴿فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾(١).
وجه الاستدلال بها
دلّت على وجوب الحذر عند إنذار المنذرين ، من دون اعتبار إفادة خبرهم العلم لتواتر أو قرينة ، فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد.
أمّا وجوب الحذر ، فمن وجهين :
أحدهما : أنّ لفظة «لعلّ» بعد انسلاخها عن معنى الترجّي ظاهرة في كون مدخولها محبوبا للمتكلّم ، وإذا تحقّق حسن الحذر ثبت وجوبه ؛ إمّا لما ذكره في المعالم : من أنّه لا معنى لندب الحذر ؛ إذ مع قيام المقتضي يجب ومع عدمه لا يحسن (٢) ، وإمّا لأنّ رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالإجماع المركّب ؛ لأنّ كلّ من أجازه فقد أوجبه.
الثاني : أنّ ظاهر الآية وجوب الإنذار ؛ لوقوعه غاية للنفر الواجب بمقتضى كلمة «لو لا» ، فإذا وجب الإنذار أفاد وجوب الحذر لوجهين :
أحدهما : وقوعه غاية للواجب ؛ فإنّ الغاية المترتّبة على فعل الواجب ممّا لا يرضى الآمر بانتفائه ، سواء كان من الأفعال المتعلّقة للتكليف أم لا ، كما في قولك : «تب لعلّك تفلح» ، و «أسلم لعلّك تدخل الجنّة» ، وقوله تعالى : ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى﴾(٣).
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.
(٢) المعالم : ٤٧.
(٣) طه : ٤٤.