حكمه مع المتبوع دائماً ، ولا من جهة الأصل العملي بدعوى أن المأمور به وهو الطهارة معلوم للمكلف وإنما يشك في سببه وأنها هل تحصل بغسل الوجه فحسب أو لا بدّ من غسل الشعر أيضاً ، ومع الشك في المحصل والسبب لا بدّ من الاحتياط ، وقاعدة الاشتغال فيه هي المحكمة ، وذلك لما مر من أن الطهارة ليست مسببة عن الوضوء ، بل الطهارة هي نفس الوضوء ، ومعه يرجع الشك إلى الشك في التكليف بالمقدار الزائد ويندرج المقام في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ويرجع في الزائد على القدر المتيقن إلى البراءة.

بل الوجه فيما ذكرناه صحيحة زرارة المتقدِّمة الآمرة بغسل الوجه من أول القصاص إلى الذقن بما دارت عليه الإصبعان ، أعني الوسطى والإبهام ، وذلك لضرورة أن الشعر النابت على الوجه أيضاً مما تدور عليه الإصبعان ، فإن هذا المقدار من الوجه واجب الغسل في الوضوء ، وهو يشمل الشعر النابت عليه أيضاً وإن لم يكن محيطاً بالوجه.

الثالث : ما نشك في صدق عنوان المحيط عليه ، وهذا إما من جهة الشبهة المفهومية ، كما إذا لم ندر أن المحيط هل هو الشعر الكثيف المانع عن مشاهدة البشرة دائماً ، أو أنه يعم ما إذا كان خفيفاً وغير مانع عن وقوع النظر على البشرة دائماً أو في بعض الأحيان ، كما عند ملاعبة الريح مع اللحية ، وإما من جهة الشبهة المصداقية ، بأن علمنا بالمفهوم وأن المحيط هو الذي يمنع عن وقوع حس البصر على البشرة دائماً ، إلاّ أنّا شككنا في مورد في أنه من المحيط المانع عن الرؤية أو أنه ليس كذلك ، وفي كلتا الشبهتين يجب غسل كل من البشرة والشعر.

أمّا في الشبهة المفهومية ، فلأجل أن مقتضى صحيحة زرارة المتقدمة المحددة لما يجب غسله من الوجه بما دارت عليه الإصبعان ، وغيرها مما دلّ على وجوب غسل الوجه في الوضوء ، أن المعتبر في الوضوء إنما هو غسل البشرة والوجه ، وقد قيدناها بالصحيحة الثانية لزرارة الدالة على أن ما أحاط به الشعر من الوجه لا يجب غسله بل يكفي عنه غسل ظاهر الشعر ، وإذا فرضنا أن المخصّص أو المقيّد مجمل فلا بدّ من‌

۴۴۶