الاستعمال ، كيف وقد أُسند الوجوب إلى الماء في بعض الأخبار ، حيث روي عن علي عليه‌السلام أنه قال : « أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعاً من الماء » (١) أي استعماله ، بل يأتي إن شاء الله أن هذا المعنى هو المحتمل في قوله عليه‌السلام « لا صلاة إلاّ بطهور » (٢) دون الوضوء والغسل والتيمم ، ويأتي ثمرة ذلك عند التكلم على الجبائر إن شاء الله تعالى.

وعلى هذا الاحتمال لا تبقى للرواية أية دلالة على وجوب قصد عنوان الطهور أصلاً ، لأن المفروض أنه أُريد منه جامع الماء والتراب فاللازم قصد المعنون دون العنوان.

وإن أُريد بالطهور معناه المصدري أعني الطهارة ، أي إذا دخل الوقت فقد وجبت الصلاة والطهارة ، سواء كانت الطهارة مسببة عن الغسلتين والمسحتين أم كانت عنواناً لهما ، فحينئذٍ وإن كان الوجوب متعلقاً بعنوان الطهارة إلاّ أن الرواية لا دلالة لها على اعتبار قصد الرفع أو الإباحة في صحة الوضوء ، وذلك لأن الطهارة التي بمعنى الإباحة أو الرفع إما حكم وأثر مترتب على الوضوء الصحيح أعني ما اتي به بداع قربي إلهي ، أو أنها عنوان اعتبره الشارع على الوضوء الواقع صحيحاً ، بمعنى أن الوضوء الذي هو أمر عبادي إذا تحقق بماله من القيود والشروط التي منها قصد القربة فأثره هو الطهارة أو أنها عنوانه ، وعلى أي حال فالطهارة ورفع الحدث في مرتبة متأخرة عن الوضوء التام الصحيح ، ومعه كيف يعقل أخذ قصدهما قيداً في صحة الوضوء ، وإلاّ لزم أن تكون الطهارة ورفع الحدث أو الإباحة في مرتبة سابقة عن الوضوء الصحيح ، ولازم ذلك أن يكون الوضوء في نفسه وإن لم يؤت به بداع قربي محصلاً للطهارة وموجباً لارتفاع الحدث أو سبباً للإباحة وهو خلاف فرض الوضوء عبادة لا يترتب عليه أثره إلاّ إذا اتي به بداع إلهي.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ١٨٤ / أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥.

(٢) الوسائل ١ : ٣٧٢ / أبواب الوضوء ب ٤ ح ١.

۴۴۶