وهي القصد إلى الفعل مع كون الداعي أمر الله تعالى إمّا لأنّه تعالى أهل للطاعة وهو أعلى الوجوه ، أو لدخول الجنة والفرار من النار وهو أدناها ، وما بينهما متوسطات (١).


هذا كلّه في اعتبار النيّة في الوضوء وأما معنى النيّة ، فقد فسّرها الماتن قدس‌سره بقوله : وهي القصد إلى الفعل مع كون الداعي أمر الله تعالى ، ونتعرّض له في التعليقة الآتية فلاحظ.

هل الأُمور المذكورة محققات للعبادة أو غايات؟

(١) مما ينبغي أن يتعرض له في المقام تحقيق أن الأُمور المذكورة في المتن من كون الله سبحانه أهلاً للطاعة أو دخول الجنة أو غيرها مما ذكره قدس‌سره هل هي محققات للطاعة والعبادية أو أنها غايات للعبادة ومحقق عنوان الطاعة أمر آخر ، وهذا من غير اختصاصه بالشريعة المقدسة ، وذلك لأن الأفعال على قسمين في جميع المذاهب والأديان ، فيعتبر في بعضها أن يؤتى به على وجه التذلل والتخضع والجامع أن يقع على وجه التأله أي أخذ المعبود إلهاً والتعبد له بالطاعة ، ولا يعتبر ذلك في بعضها الآخر.

فنقول : العمل قد يكون طاعة وعبادة في ذاته إذا اتي به على وجهه وعنوانه ، وهذا كما في ذكر الله سبحانه كسبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، ومنه قوله عزّ من قائل ﴿ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ (١) فإن أمثال ذلك إذا اتي به بعنوان أنه ذكر الله سبحانه وقع عبادة ، لأنه بنفسه تذلل وتخضع من دون حاجة إلى قصد أمر آخر ، وكالسجود لأن وضع الجبهة على الأرض تخضع ذاتي وتأله فهو عبادة في نفسه من دون حاجة إلى قصد أمر آخر.

وقد لا يكون العمل إطاعة في ذاته وهذا كالصيام ، لأن الإمساك عن المفطرات من‌

__________________

(١) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

۴۴۶