السلام ) عن النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنه قال : « خصلتان لا أُحبّ أن يشاركني فيها أحد : وضوئي فإنّه من صلاتي ... » (١) وذلك لأنه لا معنى لجعل الوضوء ثلثاً من الصلاة إلاّ فيما هو أظهر آثارها وهو العبادية واعتبار قصد القربة فيها ، كما أنه لا وجه لكونه من الصلاة إلاّ من جهة كونه عبادة ، بل مقتضى هذه الروايات أنه يترتب على الوضوء كل أثر يترتب على الصلاة ، بل كل شرط يعتبر فيها ، إلاّ ما علمنا بعدم اعتباره في الوضوء كالطمأنينة واستقبال القبلة ونحوها. وعلى تقدير المناقشة في ذلك ففي الارتكاز المتشرعي غنى وكفاية كما مرّ.

ومنها : ان الأصل في كل واجب أن يكون عباديا لا يسقط إلاّ بقصد القربة والامتثال ، وذلك من جهة أن تحصيل غرض المولى واجب عقلي على المكلفين وحيث إنّا نحتمل أن يكون لقصد الأمر والتقرب مدخلية في حصوله فوجب الإتيان بالعمل بقصد القربة والامتثال تحصيلاً للجزم بحصول الغرض ، هذا.

وقد أجبنا عن ذلك في محلِّه (٢) بأنّا إن بنينا على إمكان أخذ قصد التقرب والامتثال في متعلق الأمر الأوّل كما بنينا عليه في محلِّه ، أو في متعلق الأمر الثاني على نحو نتيجة التقييد كما ذكره المحقق النائيني قدس‌سره (٣) فلا مانع من أن ندفع احتمال مدخلية قصد الأمر في حصول الغرض بإطلاق الدليل.

وأمّا إذا بنينا على استحالة ذلك وعدم إمكان أخذ قصد القربة في متعلق الأمر فلنا أن ندفع احتمال مدخلية ذلك بالبراءة العقلية لقبح العقاب من دون بيان ، وذلك لأنّا إذا قلنا بالاستحالة فالمستحيل إنما هو أخذ قصد التقرب والامتثال في متعلق الأمر والتكليف ، وأما بيان أن قصد التقرب مما له مدخلية في حصول الغرض ولو بالجملة الخبرية بعد الأمر فهو من الإمكان بمكان ، فاذا كان المولى في مقام البيان ولم يبين ذلك بوجه مع التمكن والقدرة من بيانه وتوضيحه فلا يستحق العبد لوماً ولا‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٧٨ / أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٣.

(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٦٥.

(٣) أجود التقريرات ١ : ١١٦.

۴۴۶