الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط الاستئناف (*) ، وإن بقيت الرطوبة في العضو السابق على السابق ، واعتبار عدم الجفاف إنما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء أو طول الزمان ، وأما إذا تابع في الأفعال وحصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي وعدم الجفاف. وذهب بعض العلماء إلى وجوب الموالاة بمعنى التتابع وإن كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف. ثم إنه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق ، بل يكفي بقاؤها في الجملة ولو في بعض أجزاء ذلك العضو.


والصحيح هو ما أفاده أخيراً ، وذلك لما قدّمناه غير مرّة من أن الأمر بالإعادة إرشاد إلى البطلان ، وعليه فالموثقة والصحيحة دلّتا على بطلان الوضوء عند جفاف الأعضاء المتقدِّمة بالتأخير ، وهذه الصحيحة دلّت على عدم البطلان بذلك فهما متعارضتان ولا بدّ من الرجوع إلى مرجحات المتعارضين ، وحيث إن الصحيحة موافقة للعامّة وهما مخالفتان معهم فلا مناص من طرح الموافق والأخذ بما خالفهم.

وأمّا ما صنعه أوّلاً من حمل مطلقهما على مقيدهما ، ففيه : أن الصحيحة إنما دلت على عدم بطلان الوضوء بجفاف الأعضاء المتقدمة عند استناده إلى التأخير ، ولم تدلنا على عدم بطلان الوضوء بمطلق الجفاف.

وهذا يظهر بملاحظة قوله عليه‌السلام « هو أي الغسل بتلك المنزلة » أي بمنزلة الوضوء ، حيث يدلنا على أنهما متحدان بحسب الحكم ، وبما أنه عليه‌السلام صرح بعد ذلك بعدم بطلان الغسل وإن آخر بعض أجزائه بعض يوم ، فيعلم من ذلك أن الوضوء أيضاً كذلك ، وأن مراده بالجفاف في الوضوء هو الجفاف المستند إلى التأخير وأنه غير قادح في صحته ، وعليه فالصحيحة والروايتان متعارضتان وليستا من المطلق والمقيد في شي‌ء.

__________________

(*) لا بأس بتركه.

۴۴۶