وهذا بخلاف الأفعال الاعتبارية ، لأنها كما يصح إسنادها إلى فاعلها بالمباشرة كذلك يصح إسنادها حقيقة إلى فاعلها بالتسبيب ، كما إذا أوجدها من أمره بإيجادها وذلك لأن قوام الأُمور الاعتبارية بالاعتبار ، فيصح إسنادها إلى من اعتبرها حقيقة كما إذا اعتبر ملكية ماله للمشتري وأمر غيره بأن يبيع ماله منه أي من ذلك المشتري فكما يصح أن يقال حقيقة إن الوكيل أو المأمور قد باع ذلك المال كذلك يصح أن يقال حقيقة إن المالك والآمر قد باع ذلك المال لقيام الاعتبار به ، وكذا فيما لو باعه الفضولي فإجازة مالك المال ، لأنه بالإجازة يصح أن يسند البيع إلى المالك بإمضائه وإجازته ويصحّ أن يقال فلان باع داره حقيقة ، لأنه الذي اعتبر ملكيتها للمشتري وأبرزه بإجازته وإمضائه.

وأظهر من ذلك ما إذا كان المأمور وكيلاً في مجرد إيقاع الصيغة وإنشائها من دون علمه بالعوضين ولا عرفانه بشي‌ء من شروطهما ، فان البيع حينئذٍ يسند إلى الموكل المالك إسناداً حقيقياً ، بل في صحة إسناده إلى الوكيل المذكور إشكال ، ومن هنا تأمل الشيخ قدس‌سره في ثبوت خيار المجلس لمثل هذا الوكيل نظراً إلى أن « البيّع » لا يصدق على مثله حقيقة (١).

وكيف كان ، فالخطابات بأنفسها وإطلاقها ظاهرة في اشتراط المباشرة في الأفعال التكوينية ، اللهمّ إلاّ أن يقوم دليل على صحة النيابة كما في الجهاد ، وعليه يكون العمل الصادر من الغير مسقطاً للواجب عن ذمة المنوب عنه لا أنه يقع مصداقاً للمأمور به لوضوح عدم معقولية تكليف أحد بالعمل الصادر من الغير ، وهذا ظاهر.

وأما في الأفعال الاعتبارية فظهور الخطابات وإطلاقها لا يقتضي اعتبار المباشرة كما عرفت ، وحيث إن الغسل والمسح من الأفعال التكوينية ولم يقم دليل على صحة النيابة فيهما فمقتضى ظهور الآية والأخبار وإطلاقاتها هو اعتبار المباشرة في الوضوء وعدم سقوطه بالفعل الصادر من الغير.

__________________

(١) المكاسب : ٢١٦ السطر ٣٠.

۴۴۶