المائية ، وأما القيد فلا ، كما مرّ.

وأمّا بناء على ما هو ظاهر عبارته قدس‌سره من تقسيمه الوضوء المأتي به على قسمين ، وأنه قد يأتي به على نحو التقييد بأن يأتي الوضوء بداعي أنه الذي تتقيد به الصلاة الواجبة في حقه على نحو لو لم يكن صلاته متقيدة به لم يكن يأتي به ، وقد يأتي به على نحو الداعي لا التقييد بأن يأتي به بداعي أنه الذي تقيّدت به صلاته ولكن لا على نحو لو لم تتقيّد به صلاته لم يكن يأتي به ، بل هو يأتي بذلك الوضوء حتى لو لم تكن صلاته متقيدة به كما مرّ منه قدس‌سره هذا التفسير للداعي والتقييد في المسألة الثالثة من مسائل الوضوءات المستحبّة (١).

فالوجه في عدم تمامية ما أفاده قدس‌سره هو ما أسلفناه هناك من أن التقييد بهذا المعنى أيضاً لا يرجع إلى محصل ، فإن العبادة يكفي في صحّتها أن يؤتى بذات العمل مضافة إلى المولى نحو اضافة ، والمفروض أن المكلف في المقام قد أتى بذات الوضوء وأضافها إلى الله سبحانه أيضاً ، وبذلك تمّت العبادة ، وغاية الأمر أنه كان معتقداً بوجوبه فقد ظهر استحبابه ، فهو من قبيل الخطأ في التطبيق وقصده أن لا يأتي به على تقدير عدم كونه مقدّمة لصلاته لغو ولا يضر بصحّة ما أتى به من العمل متقرباً به إلى الله تعالى.

اللهمّ إلاّ أن يكون عالماً بعدم وجوبه وأن الصلاة غير متوقفة عليه ومع ذاك أتى به بداعي أنه مقدمة لصلاته ، فإنه وقتئذٍ تشريع محرم وهو مبطل للعبادة كما قدّمنا تفصيله في محله ، فما أفاده قدس‌سره من أن الإتيان بالوضوء قد يكون على وجه التقييد وقد يكون على وجه الداعي لا يرجع إلى محصل معقول.

بل الصحيح أن يفصّل في صحة الوضوء بين ما إذا كان المكلف عالماً بعدم توقف صلاته على الوضوء ، لعلمه بضيق الوقت وأن وظيفته حينئذٍ هو التيمم ومعه قد أتى به بقصد أنه واجب مقدمي للصلاة ، فإنه وقتئذٍ تشريع وهو موجب لبطلان وضوئه ، وما‌

__________________

(١) في ص ١٥.

۴۴۶