بل هو معلوم في الصورة الثانية ، كما انه يصحّ لو توضّأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلّي فيه وإن كان أحوط ، بل لا يترك في صورة التوضّؤ (*) بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها ،


إذا كان المكلف عالماً بالاختصاص وأن الماء موقوف على خصوص من صلّى في المسجد بعد الوضوء وكان قاصداً عدم الصلاة فيه بعد الوضوء ، فإن الحرمة متنجّزة حينئذٍ لعلم المكلف بها وتعمده ، فلا إشكال في حرمة التوضؤ وبطلانه حينئذٍ ، لأنه لا يتمشى منه قصد القربة مع العلم بالحرمة وعدم كونه من الموقوف عليهم ، حتى لو عدل عن قصده بعد الوضوء وبنى على الصلاة في ذلك المسجد لم يكن قصده ذلك وعمله المتأخران عن التوضؤ الباطل مصححين له ، لأن الوضوء بعد ما وقع باطلاً لعدم تمشي قصد القربة حال العمل لا ينقلب عما وقع عليه بقصد المتوضي الصلاة في المسجد ، وهذا ظاهر.

وأمّا الصورة الثانية : أعني ما إذا كانت حرمة التوضؤ فعلية من غير أن تكون متنجّزة في حق المكلّف ، كما إذا توضأ بذلك الماء قاصداً به الصلاة في المسجد إلاّ أنه لم يكن في علم الله سبحانه ممن يصلِّي في المسجد بعد الوضوء ولم يكن من جملة الموقوف عليهم ، لأنه وقتئذٍ وإن كان معذوراً في تصرفه في الماء بقصده الصلاة في المسجد بعد الوضوء ، إلاّ أنه بحسب الواقع كان محرماً في حقه ، فان تركه الصلاة في المسجد بعد الوضوء يكشف عن عدم كونه مندرجاً في الموقوف عليهم ، والمفروض أن التصرّف في الماء محرم لغيرهم.

فالحكم في هذه الصورة يبتنى على ما قدّمناه (٢) في التوضؤ بالماء المغصوب جاهلاً بالحال ، من أن الحرمة والمبغوضية الواقعيتين هل تقتضيان بطلان العمل لاستحالة‌

__________________

(*) لا بأس بالترك.

(١) في ص ٣٢٠.

۴۴۶