وإذا غصبها غاصب أيضاً يبقى جواز التصرّف لغيره ما دامت جارية في مجراها الأوّل ، بل يمكن بقاؤه مطلقاً (١).

وأمّا للغاصب فلا يجوز (٢) وكذا لأتباعه من زوجته وأولاده وضيوفه (٣)


وليّه من الاذن فيه ، لأن إذنه في التصرّف في أموال الصغار إنما يعتبر في الأُمور الراجعة إلى مصلحة الصغير أو المجنون بمراعاة غبطتهما ، ولا مصلحة في الاذن في تصرف الناس في أنهارهما أو أراضيهما كما لا يخفى.

وكذلك الحال فيما إذا أحرزنا أن المالك بخيل لا يرضى بالتصرّف في أمواله فلا علم لنا بتحقق السيرة وقيامها على الجواز ، ومع عدم إحراز السيرة لا يمكن الحكم بجواز التصرّف من الوضوء والاغتسال والصلاة فيما يرجع إليهما. وكذا الحال فيما إذا ظن كراهة المالك ، وهذا لا لأن الظن حجّة يعتمد عليها لدى الشرع ، بل من جهة أنه يولد التردّد والشك في تحقق السيرة ومع عدم إحرازها لا يمكن الحكم بالجواز.

نعم ، إذا شككنا في أن المالك صغير أو مجنون أو كاره للتصرف في مائه أو أرضه ، لم يكن مانع من التصرّف بالوضوء والصلاة وأمثالهما وقتئذٍ من جهة قيام السيرة عليه مع الشك في ذلك.

اغتصاب الأنهار الكبيرة غير مغيّر لحكمها :

(١) ولكنك قد عرفت عدم جواز التصرف فيما إذا لم يكن الماء تحت يد المالك ، لأن القدر المتيقن من السيرة الجارية على الجواز إنما هو ما كان الماء أو الأرض تحت يد مالكيهما ، وأما إذا كان خارجاً عن يده وكان في يد الغاصب فلا علم بثبوت السيرة وجريانها على التصرّف فيهما بالتوضؤ أو الصلاة ونحوهما ، ولعل الوجه في عدم جريان السيرة حينئذٍ أن التصرف في الماء وهو في يد الغاصب تأييد عملي له.

(٢) لحرمة التصرّف في مال الغير من دون إذنه ورضاه ، وعدم تحقق السيرة على تصرّف الغاصب فيما غصبه بالتوضؤ أو الصلاة.

(٣) لعين ما قدّمناه في التعليقة المتقدمة.

۴۴۶