المغصوب لا تعدّ مالاً ولا يمكن ردها إلى مالكها. والظاهر أنه لم يرد بذلك أن الرطوبة لا تعدّ مالاً ، لعدم إمكان الانتفاع بها مع بقائها على ملك مالكها ، وإلاّ لم يصح حكمه بجواز التصرّف في النداوة المذكورة بالمسح بها ، لأن المال والملك يشتركان في حرمة التصرّف فيهما من دون إذن مالكيهما. وإنما الفرق بينهما في أن الملك لا ضمان فيه كما في حبة من الحنطة والثاني فيه الضمان لمكان المالية له ، ولكن الحكم بوجوب الرد إلى المالك وحرمة التصرف وغيرهما أمر يشترك فيه كل من المال والملك ، وإن كانت الأدلة اللفظية الواردة في حرمة التصرف من دون إذن المالك واردة في خصوص المال كقوله عليه‌السلام « لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيبة نفس منه » (١) إلاّ أن من الظاهر أن التصرف في ملك الغير أيضاً ظلم ومن أظهر موارد التعدي والعدوان ، فهو أيضاً محرّم ولا بدّ من ردّه إلى مالكه.

فكأنه قدس‌سره أراد بذلك بيان أن الماء بعد ما صرف في الغسل يعد تالفاً وينتقل الأمر فيه إلى بدله من القيمة أو المثل ، فالرطوبة في الأعضاء لا تعتبر مالاً حيث لا ينتقع به في شي‌ء بحسب الغالب ، فالرطوبة المتحققة في التراب عند إراقة ماء الغير على الأرض لا تعتبر مالاً لمالكها كما لا تعتبر ملكاً له ، للغوية اعتبار الملك فيما لا يمكن إرجاعه إلى مالكه كما في النداوة. فإذا لم تكن الرطوبة مالاً ولا ملكاً لأحد جاز للمتوضئ أن يتصرف فيها بالمسح أو بالصلاة في الثوب المرطوب الذي قد غسل بالماء المغصوب مع بقاء الرطوبة فيه ، أو بالصلاة مع رطوبة بدن المصلي فيما إذا اغتسل بماء الغير ثم التفت إلى غصبيته قبل جفاف البدن.

وما أفاده في المقام وفيما رتبه على ذلك بقوله : إذا توضأ بالماء المغصوب عمداً ثم أراد الإعادة هو الصحيح ، فإذا توضأ أو اغتسل بماء الغير نسياناً عذريا على ما سلكناه‌

__________________

(١) كما في موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفس منه » المروية في الوسائل ٥ : ١٢٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣ ح ١.

۴۴۶