المصبّ ، فمع الجهل بكونها مغصوبة أو النسيان لا بطلان ، بل وكذا مع الجهل بالحكم أيضاً إذا كان قاصراً ، بل ومقصراً أيضاً إذا حصل منه قصد القربة ، وإن كان الأحوط مع الجهل بالحكم خصوصاً في المقصّر الإعادة.


من الماء والمكان والمصب إنما تشترط في صحة الوضوء حال العلم بغصبيتها وحرمتها ، وهي شرط ذكرى ليست كبقية الشرائط المتقدمة التي هي شروط واقعية وعلى ذلك لا اشتراط في حالتي الجهل والنسيان ، بلا فرق في ذلك بين الجهل بالحكم والجهل بالموضوع ، بل بلا فرق بين القاصر والمقصّر في الجاهل بالأحكام ، لأن استحقاق العقاب في الجاهل المقصّر لا ينافي صحة الوضوء منه حال الجهل بحرمة الغصب ، لأنه قد أتى بطبيعي الغسل وتمشى منه قصد القربة لجهله بحرمته ، ومعهما يتم عمله ويصح وضوءه وإن استحق بذلك العقاب أيضاً.

هذا ما ذهب إليه الماتن في المقام ، وهو وإن كان موافقاً للمشهور في غير التعدِّي إلى الجاهل المقصِّر لأن المشهور قد ألحقوه بالعالم المتعمد في الترك ، وأمّا عدم مانعية الغصب في غير صورة العلم به فهو المعروف والمشهور بين الأصحاب ( قدس الله أسرارهم ) بلا فرق في ذلك بين الشبهات الحكمية والموضوعية. وقد ادّعى صاحب مفتاح الكرامة قدس‌سره على ما يبالي الإجماع على صحّة الوضوء عند الجهل بحرمة الغصب أو الجهل بموضوعه الذي هو الغصب (١).

إلاّ أن ما أفاده قدس‌سره مما لا يمكن المساعدة عليه ، أمّا بالإضافة إلى التعدِّي إلى الجاهل المقصّر ، فيتوجّه عليه : أن المقصّر وإن كان قد تمشى منه قصد القربة إلاّ أن العمل مما لا يمكن التقرّب به واقعاً لمبغوضيته وحرمته ، فهو غير قابل للمقربية بحسب الواقع ولأجل ذلك يستحق العقاب ، لأن العقاب إنما هو على نفس عمله الحرام لا على تركه التعلم أو غير ذلك ، ومع كون العمل موجباً للعقاب ومبغوضية صدوره من‌

__________________

(١) مفتاح الكرامة ١ : ٣٠٣.

۴۴۶