المسح على الحائل دون غسل الرجلين فغسلهما ، أو بالعكس ، كما أنه لو ترك المسح‌


المالكية أو الشافعية ، لا إشكال في ذلك بحسب الحكم التكليفي من الوجوب أو الجواز ، لأن التقيّة بمعنى الصيانة عن الضرر وتتأدى ذلك بإظهار الموافقة مع الحنابلة مثلاً وإن كان من يتّقيه من الحنفية مثلاً ، وإنما الكلام في صحة ذلك وإجزائه ، والظاهر أن العمل وقتئذٍ صحيح ومجزئ عن المأمور به الأولي ، وذلك لأن المستفاد من الأخبار الواردة في التقيّة أنها إنما شرعت لأجل أن تختفي الشيعة عن المخالفين وإلاّ يشتهروا بالتشيع وبالرفض ، ولأجل المداراة والمجاملة معهم ، ومن البيّن أن المكلف إذا أظهر مذهب الحنابلة عند الحنفي مثلاً أو بالعكس حصل بذلك التخفي وعدم الاشتهار بالرفض والتشيع وتحققت المداراة والمجاملة معهم ، فاذا صلّى في مسجد الحنفية مطابقاً لمذهب الحنابلة صدق أنه صلّى في مساجدهم أو معهم.

والسرّ في ذلك : أن الواجب إنما هو التقيّة من العامة والمجاملة والمداراة معهم ، ولم يرد في شي‌ء من الأدلة المتقدمة وجوب اتباع أصنافهم المختلفة ، ولا دليل على وجوب اتباع من يتقي منه في مذهبه ، وإنما اللازم هو المداراة والمجاملة مع العامة وإخفاء التشيع عندهم ، وهذا يتأتى بإتيان العمل على طبق الحنابلة عند كون الحاضر الذي اتقى منه حنفياً مثلاً أو بالعكس ، فإن الأصناف الأربعة لا يخطِئ كل منهم الآخر ولا يتعرضون ولا ينكرون مذهبه ، بل ربما يقتدي بعضهم ببعض ، هذا.

على أن التقيّة بإتيان العمل على طبق المذهب الآخر أعني غير مذهب المتقى منه قد يكون مطابقاً للتقية ، وذلك كما إذا كان المتقي من بلد معروف أهله بالشافعية وقد ورد بلداً آخراً وهم الحنابلة مثلاً ، فإنه إن اتقى حينئذٍ بإتيان العمل على مذهب الحنابلة ربما يعرف أنه ليس من الحنابلة ، لأنه موجب لإلفات نظرهم إليه ، حيث إنه من بلدة فلانية وهم من الشافعية مثلاً وهو يعمل على مذهب الحنابلة ، فبذلك يتضح أنه أظهر التسنن معهم وهو رافضي ، وهذا بخلاف ما إذا أتى بالعمل على طبق الشافعية ، لأنهم يحملون ذلك على أنه من البلدة الفلانية وهم من الشافعية فلا يقع مورداً للإعجاب‌

۴۴۶